بطاعته وآن يبث بمصر دعوته وقرر على نفسه ما لا يحمل كل سنة إلى نور الدين فأجابه إلى ذلك وبقي شيعة له بمصر والله تعالى أعلم * (استيلاء أسد الدين على مصر ومقتل شاور) * ولما ضرب الإفرنج الجزية على القاهرة ومصر وأنزلوا بها الشحنة وملكوا أبوابها تمكنوا من البلاد وأقاموا فيها جماعة من زعمائهم فتحكموا واطلعوا على عورات الدولة فطمعوا فيما وراء ذلك من الاستيلاء وراسلوا بذلك ملكهم بالشأم واسمه مرى ولم يكن ظهر بالشأم من الإفرنج مثله فاستدعوه لذلك وأغروه فلم يجبهم واستحثه أصحابه لملكها وما زالوا يقتلون له في الذروة والغارب ويوهمونه القوة بتملكها على نور الدين ويريهم هو أن ذلك يؤل إلى خروج أصحابها عنها لنور الدين فبقي بها إلى أن غلبوا عليه فرجع إلى رأيهم وتجهز وبلغ الخبر نور الدين فجمع عساكره واستنفر من في ثغوره وسار الإفرنج إلى مصر مفتتح أربع وستين فملكوا بلبيس عنوة في صفر واستباحوها وكاتبهم جماعة من أعداء شاور فأنسوا مكاتبتهم وساروا إلى مصر ونازلوا القاهرة وأمر شاور باحراق مدينة مصر لينتقل أهلها إلى القاهرة فيضبط الحصار فانتقلوا وأخذهم الحريق وامتدت الأيدي وانتهبت أموالهم واتصل الحريق فيها شهرين وبعث العاضد إلى نور الدين يستغيث به فأجاب وأخذ في تجهيز العساكر فاشتد الحصار على القاهرة وضاق الامر بشاور فبعث إلى ملك الإفرنج يذكره بقديمه وان هواه معه دون العاضد ونور الدين ويسأل في الصلح على المال لنفور المسلمين مما سوى ذلك فأجابه ملك الإفرنج على ألف ألف دينار لما رأى من امتناع القاهرة وبعث إليهم شاور بمائة الف منها وسألهم في الافراج فارتحلوا وشرع في جمع المال فعجز الناس عنه ورسل العاضد خلال ذلك تردد إلى نور الدين في أن يكون أسد الدين وعساكره حامية عنده وعطاؤهم عليه وثلث الجباية خالصة لنور الدين فاستدعى نور الدين أسد الدين من حمص وأعطاه مائتي ألف دينار وجهزه بما يحتاجه من الثياب والدواب والأسلحة وحكمه في العساكر والخزائن ونفل العسكر عشرين دينارا لكل فارس وبعث معه من أمرائه مولاه عز الدين خردك وعز الدين قليج وشرف الدين ترعش وعز الدولة الياروقي وقطب الدين نيال بن حسان المنبجي وأمد صلاح الدين يوسف بن أيوب مع عمه أسد الدين فتعلل عليه واعتزم عليه فأجاب وسار أسد الدين منتصف ربيع فلما قارب مصر رجع الإفرنج إلى بلادهم فسر بذلك نور الدين وأقام عليه البشائر في الشأم ووصل أسد الدين القاهرة ودخلها منتصف جمادى الأخيرة ونزل بظاهرها ولقى العاضد وخلع عليه وأجرى عليه وعلى عساكره الجرايات والإتاوات وأقام أسد الدين ينتظر شرطهم وشاور
(٢٨١)