ويتخطفونهم من كل جانب فأحرقوا خيامهم ومجانيقهم وأرادوا الاستماتة في العود فرأوا ما حال بينهم وبينها من الرجل فاستأمنوا إلى الكامل والأشرف على تسليم دمياط من غير عوض وبينما هم في ذلك وصل المعظم صاحب دمشق من جهة دمياط كما مر فازدادوا وهنا وخذلانا وسلموا دمياط منتصف سنة ثمان عشرة وأعطوا عشرين ملكا منهم رهنا عليها وأرسلوا الأقسة والرهبان منهم إلى دمياط فسلموها للمسلمين وكان يوما مشهودا ووصلهم بعد تسليمها مدد من وراء البحر فلم يغن عنهم ودخلها المسلمون وقد حصنها الإفرنج فأصبحت من أمنع حصون الاسلام والله تعالى أعلم * (وفاة الأوحد نجم الدين بن العادل صاحب خلاط وولاية أخيه الظاهر غازي عليها) * قد تقدم لنا أن الأوحد نجم الدين بن العادل ملك ميافارقين وبعدها خلاط وأرمينية سنة ثلاث وستمائة ثم توفى سنة سبع فأقطع العادل ما كان بيده من الاعمال لأخيه الأشرف ثم أقطع العادل ابنه الظاهر غازي سنة ست عشرة سروج والرها وما إليها ولما توفى العادل واستقل ولده الأشرف بالبلاد الشرقية عقد لأخيه غازي على خلاط وميافارقين مضافا إلى ولايته من أبيه العادل وهو سروج والرها وجعله ولى عهده لأنه كان عاقرا لا يولد له وأقام على ذلك إلى أن انتقض على الأشرف عندما حدثت الفتنة بين بنى العادل فانتزع أكثر الاعمال منه كما نذكره ان شاء الله تعالى * (فتنة المعظم مع أخويه الكامل والأشرف وما دعت إليه من الأحوال) * كان بنو العادل الكامل والأشرف والمعظم لما توفى أبوهم قد اشتغل كل واحد منهم بأعماله التي عهد له أبوه وكان الأشرف والمعظم يرجعان إلى الكامل وفي طاعته ثم تغلب المعظم عيسى على صاحب حماة الناصر بن المنصور بن المظفر وزحف سنة تسع عشرة إلى حماة فحاصرها وامتنعت عليه فسار إلى سلمية والمعرة من أعمالها فملكهما وبعث إليه الكامل صاحب مصر بالنكير والإفرنج عن البلد فامتثل وأضغن ذلك عليه وأقطع الكامل سلمية لنزيله المظفر بن المنصور أخي صاحب حماة وكشف المعظم قناعه في فتنة أخويه الكامل والأشرف وأرسل إلى ملوك الشرق يدعوهم إلى المظاهرة عليهما وكان جلال الدين منكبرى بن علاء الدين خوارزم شاه قد رجع من الهند بعد ما غلبه التتر على خوارزم وخراسان وغزنة وعراق العجم وجاز إلى الهند ثم رجع سنة احدى وعشرين وستمائة فاستولى على فارس وغزنة وعراق العجم وآذربيجان ونزل توريز وجاور بنى أيوب في أعمالهم فراسله المعظم صاحب دمشق وصالحه واستنجده على أخويه فأجابه ودعا المعظم الظاهر أخا الأشرف وعامله على خلاط والمظفر كوكبرى
(٣٥٠)