وأن ينصف نائبه منهم فأعرض عنهم ودس لموالى أبيه أن يعاودوهم إليه فأطلعوهم على كتابه فزادهم ضغنا وصرحوا بالانتقاض فبعث إليهم سنقر الأشقر وسنقر التركيتي أستاذ داره بالاستعطاف فردوهما فبعث أمه بنت بركة خان فلم يقبلوها وارتحلوا إلى القاهرة فوصلوها في محرم سنة ثمان وسبعين وبالقلعة عز الدين ايبك الافرم الصالحي أمير جندار وعلاء الدين اقطوان الساقي وسيف الدين بليان أستاذ داره فضبطوا أبواب القاهرة ومنعوهم من الدخول وترددت المراسلة بينهم وخرج ايبك الافرم واقطوان ولاشين التركماني للحديث فتقبضوا عليهم ودخلوا إلى بيوتهم ثم باكروا القلعة بالحصار ومنعوا عنها الماء وكان السعيد بعد منصرفهم من دمشق سار في بقية العساكر واستنفر الاعراب وبث العطاء وانتهى إلى غزة فتفرقت عنه الاعراب واتبعهم الناس ثم انتهى إلى بلبيس ورأى قلة العساكر فرد عن الشأم مع عز الدين أيدمر الظاهري إلى دمشق والنائب بها يومئذ أقوش فقبض عليه وبعث به إلى الأمراء بمصر ولما رحل السعيد من بلبيس إلى القلعة اعتزل عنه سنقر الأشقر وسار الأمراء في العساكر لاعتراضه دون القلعة وألقى الله عليه حجابا من الغيوم المتراكمة فلم يهتدوا إلى طريقه وخلص إلى القلعة وأطلق علم الدين سنجر الحنفي من محبسه ليستعين به ثم اختلف عليه بطانته وفارقه بعضهم فرجع إلى مصانعة الأمراء بأن يترك لهم الشأم أجمع فأبوا الا حبسه فسألهم أن يعطوه الكرك فأجابوه وحلفهم على الأمان وحلف لهم أن لا ينتقض عليهم ولا يداخل أحدا من العساكر ولا يستميله فبعثوه من حينه إلى الكرك وكتبوا إلى النائب بها علاء الدين ايدكز الفخري أن يمكنه منها ففعل واستمر السعيد بالكرك وقام بدولته ايدكز الفخري واجتمع الأمراء بمصر وعرضوا الملك على الأمير قلاون وكان أحق به فلم يقبل وأشار إلى شلامش بن الظاهر وهو ابن ثمان سنين فنصبوه للملك في ربيع سنة ثمان وسبعين ولقبوه بدر الدين وولى الأمير قلاون أتابك الجيوش وبعث مكان جمال الدين أقوش نائب دمشق بتسلمها منه وسار أقوش إلى حلب نائبا وولى قلاون في الوزارة برهان الحصري السخاوي وجمع المماليك الصالحية ووفر اقطاعاتهم وعمر بهم مراتب الدولة وأبعد الظاهرية وأودعهم السجون الفساد ولم يقطع عنهم رزقا إلى أن بلغ العقاب فيهم أجله فأطلقهم تباعا واستقام أمره والله تعالى أعلم * (خلع شلامش وولاية المنصور قلاون) * أصل هذا السلطان قلاون من القفجاق ثم من قبيلة منهم يعرفون برج أعلى وقد مر ذكرهم وكان مولى لعلاء الدين أقسنقر الكابلي مولى الصالح نجم الدين أيوب فلما مات
(٣٩٤)