الصالح إلى حلب أصلح فبعثوا إلى كمستكين وبعثوا معه الملك الصالح فلما وصل إلى حلب قبض كمستكين على ابن الدابة وإخوته وعلى رئيس حلب ابن الخشاب وعلى مقدم الاحداث بها واستبد بأمر الصالح وخشى ابن المقدم وأمراؤه بدمشق غائلته فكاتبوا سيف الدين غازي صاحب الموصل أن يملكوه فأحجم عن المسير إليهم وظنها مكيدة وبعث بخبرهم إلى كمستكين وصالحه على مال أخذه من البلاد فكثر ارتياب القوم في دمشق فكاتبوا صلاح الدين بن أيوب فطار إليهم ونكب عن الإفرنج في طريقه وقصد بصرى وأطاعه صاحبها ثم سار صلاح الدين إلى دمشق فخرج إلى أهل الدولة بمقدمهم شمس الدين محمد بن عبد الملك المقدم وهو الذي كان أبوه سلم سنجار لنور الدين سنة أربع وأربعين كما مر ودخل صلاح الدين دمشق آخر ربيع سنة سبعين ونزل دار أبيه المعروفة بدار العفيفي وكان في القلعة ريحان خديم نور الدين فبعث إليه صلاح الدين القاضي كمال الدين الشهرزوري بأنه على طاعة الصالح والخطبة له في بلاده وانه انما جاء ليرتجع البلاد التي أخذت له فسلم إليه ريحان القلعة واستولى على ما فيها من الأموال وهو في ذلك كله يظهر طاعة الملك الصالح ويخطب له وينقش السكة باسمه انتهى والله أعلم * (استيلاء صلاح الدين على حمص وحماة ثم حصاره حلب ثم ملكه بعلبك) * ولما ملك صلاح الدين دمشق من إيالة الملك الصالح استخلف عليها أخاه سيف الاسلام طغركين بن أيوب وكانت حمص وحماة وقلعة مرعش وسليمية وتل خالد والرها من بلاد الجزيرة في اقطاع فخر الدين مسعود الزعفراني من أمراء نور الدين ما عدا القلاع منها ولما مات نور الدين أجفل الزعفراني عنها لسوء سيرته ولما ملك صلاح الدين دمشق سار إلى حمص فملك البلد وامتنعت القلعة بالوالي الذي بها فجهز عسكرا لحصارها وسار إلى حماة فنازلها منتصف شعبان وبقلعتها الأمير خرديك فبعث إليه صلاح الدين بأنه في طاعة الملك الصالح وانما جاء لمدافعة الإفرنج عنه وارتجاع بلاده بالجزيرة من ابن عمه سيف الدين غازي صاحب الموصل واستخلفه على ذلك عز الدين ثم بعثه صلاح الدين إلى الملك الصالح بحلب في الاتفاق واطلاق شمس الدين على حسن وعثمان تقى الدين من الاعتقال فسار عز الدين لذلك واستخلف بالقلعة أخاه ولما وصل إلى حلب قبض عليه كمستكين وحبسه فسلم أخوه قلعة حماة لصلاح الدين وملكها ثم سار صلاح الدين من وقته إلى حلب وحاصرها وركب الملك الصالح وهو صبى مناهز فسار في البلد واستعان بالناس وذكر حقوق أبيه فبكى الناس رحمة له واستماتوا دونه وخرجوا فدافعوا عسكر صلاح الدين ودس كمستكين إلى مقدم الإسماعيلية في الفتك
(٢٥٥)