عنه وراسلوه في الصلح على أن يعود إلى الشأم فصالحهم وعاد إلى الشأم في ذي الحجة من السنة والله تعالى أعلم * (مسير أسد الدين ثانيا إلى مصر وملكه لإسكندرية ثم صلحه عليها وعوده) * ولما رجع أسد الدين إلى الشأم لم يزل في نفسه مما كان من غدر شاور وبقي يشحن لغزوهم إلى سنة ثنتين وستين فجمع العساكر وبعث معه نور الدين جماعة من الأمراء وأكثف له العسكر خوفا على حامية الاسلام وسار أسد الدين إلى مصر وانتهى إلى اطفيح وعبر منها إلى العدوة الغربية ونزل الجيزة وأقام نحوا من خمسين يوما وبعث شاور إلى الإفرنج يستمدهم على العادة وعلى مالهم من التخوف من استفحال ملك نور الدين وشيركوه فسارعوا إلى مصر وعبروا مع عساكرها إلى الجيزة وقد ارتحل عنها أسد الدين إلى الصعيد وانتهى منها إلى؟؟ واتبعوه وأدركوه بها منتصف ثنتين وستين ولما رأى كثرة عددهم واستعدادهم مع تخاذل أصحابه فاستشارهم فأشار بعضهم بعبور النيل إلى العدوة الشرقية والعود إلى الشأم وأبى زعماؤهم الا الاستماتة سيما مع خشية العتب من نور الدين وتقدم صلاح الدين بذلك وأدركهم القوم على تعبية وجعل صلاح الدين في القلب وأوصاه أن يندفع أمامهم ووقف هو في الميمنة مع من وثق باستماتته وحمل القوم على صلاح الدين فسار بين أيديهم على تعبيته وخالفهم أسد الدين إلى مخلفهم فوضع السيف فيهم وأثخن قتلا وأسرا ورجعوا عن صلاح الدين يظنون أنهم ساروا منهزمين فوجدوا أسد الدين قد استولى على مخلفهم واستباحه فانهزموا إلى مصر وسار أسد الدين إلى الإسكندرية فتلقاه أهلها بالطاعة واستخلف بها صلاح الدين ابن أخيه وعاد إلى الصعيد فاستولى عليه وفرق العمال على جباية أمواله ووصلت عساكر مصر والإفرنج إلى القاهرة وأزاحوا عللهم وساروا إلى الإسكندرية فحاصروا بها صلاح الدين وجهده الحصار وسار أسد الدين من الصعيد لامداده وقد انتقض عليه طائفة من التركمان من عسكره وبينما هو في ذلك جاءته رسل القوم في الصلح على أن يرد عليهم الإسكندرية ويعطوه خمسين ألف دينار سوى ما جباه من أموال الصعيد فأجابهم إلى ذلك على أن يرجع الإفرنج إلى بلادهم ولا يملكوا من البلاد قرية فانعقد ذلك بينهم منتصف شوال وعاد أسد الدين وأصحابه إلى الشأم منتصف ذي القعدة ثم شرط الإفرنج على شاور أن ينزلوا بالقاهرة شحنة وتكون أبوابها بأيديهم ليتمكنوا من مدافعة نور الدين فضربوا عليه مائة ألف دينار في كل سنة جزية فقبل ذلك وعاد الإفرنج إلى بلادهم بسواحل الشأم وتركوا بمصر جماعة من زعمائهم وبعث الكامل أبا شجاع شاور إلى نور الدين
(٢٨٠)