شاه وجروا معه على مذاهب الدولة فخشيهم زين الدين على نفسه وفارقهم إلى الموصل وسار سليمان شاه إلى همذان فكان من أمرهم ما تقدم في أخبار الدولة السلجوقية * (حصار قلعة حارم وانهزام نور الدين امام الإفرنج ثم هزيمتهم وفتحها) * ثم جمع نور الدين محمود عساكر حلب وحاصر الإفرنج بقلعة حارم وجمعوا لمدافعته ثم خاموا عن لقائه ولم يناجزوه وطال عليه أمرها فعاد عنها ثم جمع عساكره وسار سنة ثمان وخمسين معتزما على غزو طرابلس وانتهى إلى البقيعة تحت حصن الأكراد فكبسهم الإفرنج هنالك وأثخنوا فيهم ونجا نور الدين في الفل إلى بحيرة مرس قريبا من حمص ولحق به المنهزمون وبعث إلى دمشق وحلب في الأموال والخيام والظهر وأزاح علل العسكر وعلم الإفرنج بمكان نور الدين من حمص فنكبوا عن قصدها وسألوه الصلح فامتنع فأنزلوا حاميتهم بحصن الأكراد ورجعوا وفى هذه الغزاة عزل نور الدين رجلا يعرف بابن نصري تنصح له بكثرة خرجه بصلاته وصدقاته على الفقراء والفقهاء والصوفية والقراء إلى مصارف الجهاد فغضب وقال والله لا أرجو النصر الا بأولئك فإنهم يقاتلون عنى بسهام الدعاء في الليل وكيف أصرفها عنهم وهي من حقوقهم في بيت المال ذلك شئ لا يحل لي ثم أخذ في الاستعداد للاخذ بثاره من الإفرنج وسار بعضهم إلى ملك مصر فأراد أن يخالفهم إلى بلادهم فبعث إلى أخيه قطب الدين مودود صاحب الموصل وإلى فخر الدين قرا أرسلان صاحب كيفا وإلى نجم الدين والى صاحب ماردين بالنجدة فسار من بينهم أخوه قطب الدين وفي مقدمته زين الدين على كچك صاحب جيشه ثم تبعه صاحب كيفا وبعث نجم الدين عسكره فلما توافت الامداد سار نور الدين نحو حارم سنة تسع وخمسين فحاصرها ونصب عليها المجانيق واجتمع من بقي بالساحل من ملوك الإفرنج ومقدمهم البرنس سمند صاحب أنطاكية والقمص صاحب طرابلس وابن جوسكين واستنفر لهم أمم النصرانية وقصدوه فأفرج عن حارم إلى ارتاج ثم خاموا عن لقائه وعادوا إلى حصن حارم وسار في اتباعهم وناوشهم الحرب فحملوا على عساكر حلب وصاحب كيفا في ميمنة المسلمين فهزموها ومروا في اتباعهم وحمل زين الدين في عساكر الموصل على الصف فلقيه الرجل فأثخن فيهم واستلحمهم وعاد الإفرنج من اتباع الميمنة فسقط في أيديهم ودارت رحا الحرب على الإفرنج فانهزموا ورجع المسلمون من القتل إلى الأسر فأسروا منهم أمما فيهم سمند صاحب أنطاكية والقمص صاحب طرابلس وبعث السرايا في تلك الأعمال بقصد أنطاكية لخلوها من الحامية فأبى وفال أخشى أن يسلمها أصحابها لملك الروم فان سمند ابن أخته ومجاورته أحق إلي من مجاورة ملك الروم ثم عاج على قلعة حارم فحاصرها وافتتحها ورجع مظفرا والله
(٢٤٥)