فجمعوا واحتشدوا وفى خلال ذلك عمد نور الدين إلى دمشق سنة سبع وأربعين وكاتب جماعة من احداثها ووعدهم من أنفسهم فلما وصل ثاروا بمجير الدين ولجأ إلى القلعة وملك نور الدين المدينة وحاصره بالقلعة وبذل له اقطاعا منها مدينة حمص فسار إليها مجبر الدين وملك نور الدين القلعة ثم عوضه عن حمص ببالس فلم يرضها ولحق ببغداد وابتنى بها دارا وأقام بها إلى أن توفى والله سبحانه وتعالى أعلم * (استيلاء نور الدين على تل باشر وحصاره قلعة حارم) * ولما فرغ نور الدين من أمر دمشق بعث إليه الإفرنج الذين في تل باشر في شمالي حلب واستأمنوا إليه ومكنوه من حصنهم فتسلمه حسان المنبجي من كبراء أمراء نور الدين سنة تسع وأربعين ثم سار سنة احدى وخمسين إلى قلعة بهرام بالقرب من أنطاكية وهي لسمند أمير أنطاكية من الإفرنج فحاصرها واجتمع الإفرنج لمدافعته ثم خاموا عن لقائه وصالحوه على نصف أعمال حارم فقبل صلحهم ورحل عنها والله سبحانه وتعالى ولى التوفيق بمنه وكرمه * (استيلاء نور الدين على شيزر) * شيزر هذه حصن قريب من حماة على نصف مرحلة منها على جبل منيع عال لا يسلك إليه الا من طريق واحدة وكانت لبنى منقذ الكنانيين يتوارثون ذلك من أيام صالح ابن مرداس صاحب حلب من أعوام عشرين وأربعمائة إلى أن انتهى ملكه إلى المرهف نصر بن علي بن نصير بن منقذ بعد أبيه أبى الحسن على فلما حضره الموت سنة تسعين وأربعمائة عهد لأخيه أبى سلمة بن مرشد وكان عالما بالقراءات والأدب وولى مرشد أخاه الأصغر سلطان بن علي وكان بينهما من الاتفاق والملاءمة ما لم يكن بين اثنين ونشأ لمرشد بنون كثيرون وفي السودد منهم عز الدولة أبو الحسن على ومؤيد الدولة أسامة وولده على وتعدد ولده ونافسوا بنى عمهم وفشت بينهم السعايات فتماسكوا لمكان مرشد والتئامه بأخيه فلما مات مرشد سنة احدى وثلاثين وخمسمائة تنكر أخوه سلطان لولده وأخرجهم من شيزر فتفرقوا وقصد بعضهم نور الدين فامتعض لهم وكان مشتغلا عنهم بالإفرنج ثم توفى سلطان وقام بأمر شيزر أولاده وراسلوا الإفرنج فحنق نور الدين عليهم لذلك ثم وقعت الزلازل بالشأم وخرب أكثر مدنه مثل حماة وحمص وكفر طاب والمعرة وأفامية وحصن الأكراد وعرقة ولاذقية وطرابلس وأنطاكية هذه سقطت جميعها وتهدمت سنة ثنتين وخمسين وما سقط بعضه وتهدمت أسواره فأكثر بلاد الشأم وخشى نور الدين عليها من الإفرنج فوقف بعساكره
(٢٤٢)