فأساء التدبير واختلفت عليه حصون من صقلية وبلاد قلورية وتعدى الأمراء على إفريقية على ما سيأتي ان شاء الله تعالى والله تعالى أعلم * (استيلاء الإفرنج على عسقلان) * كانت عسقلان في طاعة الظافر العلوي ومن جملة ممالكه وكان الإفرنج يتعاهدونها بالحصار مرة بعد مرة وكان الوزراء يمدونها بالأموال والرجال والأسلحة وكان لهم التحكم في الدولة على الخلفاء العلوية فلما قتل ابن السلار سنة ثمان وأربعين اضطرب الحال بمصر حتى ولى عباس الوزارة فسار الإفرنج خلال ذلك من بلادهم بالشأم وحاصروا عسقلان وامتنعت عليهم ثم اختلف أهل البلد وآل أمرهم إلى القتال فاغتنم الإفرنج الفرصة وملكوا البلد وعاثوا فيها والله يؤيد بنصره من يشاء من عباده * (ثورة المسلمين بسواحل إفريقية على الإفرنج المتغلبين فيها) * قد تقدم لنا وفاة رجار وملك ابنه غليالم وانه ساء تدبير وزيره فاختلف عليه الناس وبلغ ذلك المسلمين الذين تغلبوا عليهم بإفريقية وكان رجار قد ولى على المسلمين بمدينة صفاقس لما تغلب عليها أبو الحسين الفرياني منهم وكان من أهل العلم والدين ثم عجز عن ذلك وطلب ولاية ابنه عمر فولاه رجار وحمل أبا الحسين إلى صقلية رهينة وأوصى ابنه عمر وقال يا بنى أنا كبير السن وقد قرب أجلى فمتى أمكنتك الفرصة في انقاذ المسلمين من ملكة العدو فافعل ولا تخش علي وأحسبني قدمت فلما اختل أمر غليالم دعا عمر أهل صفاقس إلى الثورة بالإفرنج فثاروا بهم وقتلوهم سنة احدى وخمسين واتبعه أبو يحيى بن مطروح بطرابلس ومحمد بن رشيد بقابس وسار عسكر عبد المؤمن إلى بونة فملكها وذهب حكم الإفرنج عن إفريقية ما عدا المهدية وسوسة وارسل عمر الفرياني إلى زويلة قريبا من المهدية يغريهم بالوثوب على الإفرنج الذين معهم فوثبوا وأعانهم أهل ضاحيتهم وقاتلوا الإفرنج بالمهدية وقطعوا الميرة عنهم وبلغ الخبر إلى غليالم فبعث إلى عمر الفرياني بصفاقس وأعذر إليه في أبيه فأظهر للرسول جنازة ودفنها وقال هذا قد دفنته فلما رجع الرسول بذلك صلب أبا الحسين ومات شهيدا رحمه الله تعالى وسار أهل صفاقس والعرب إلى زويلة واجتمعوا مع أهلها على حصار المهدية وأمدهم غليالم بالأقوات والأسلحة وصانعوا العرب بالمال على أن يخذلوا أصحابهم ثم خرجوا للقتال فانهزم العرب وركب أهل صفاقس البحر إلى بلدهم أيضا واتبعهم الإفرنج فعاجلوهم عن زويلة وقتلوهم ثم اقتحموا البلد فقتلوا مخلفهم بها
(٢٠٥)