والامعان فيه فكان عامة عسكره منهم فلما انفض عشيره وخذله أنصاره وقعد عنه أولياؤه وجنوده لم يدع سببا في استجلابهم الا اتاه من استجادة المترددين إلى ناحيتهم ومراضاة التجار في أثمانهم بأضعاف ثمنهم وكان رقيقهم قد بلغ الغاية من الكثرة لما كان التتر فد دوخوا الجانب الغربي من ناحية الشمال وأوقعوا بسكانه من الترك وهم شعوب القفجاق والروس والعلان والمولات وما جاورهم من قبائل چركس وكان ملك التتر بالشمال يومئذ دوشى خان بن جنكزخان قد أصابهم بالقتل والسبي فامتلأت أيدي أهل تلك النواحي برقيقهم وصاروا عند التجار من أنفس بضائعهم والله تعالى أعلم (ذكر بيبرس البندقدارى) في تاريخه حكاية غريبة عن سبب دخول التتر لبلادهم بعد أن عد شعوبهم فقال ومن قبائلهم يعنى القفجاق قبيلة طغصبا وستا وبرج اغلا والبولى وقنعرا على وأوغلى ودورت وقلابا أعلى وجرثان وقد كابر كلى وكنن هذه احدى عشرة قبيلة وليس فيها ذكر الشعوب العشرة القديمة الذكر التي عددها النسابة كما قدمناه أول الترجمة وهذه والله أعلم بطون متفرعة من القفجاق فقط وهي التي في ناحية الغرب من بلادهم الشمالية فان سياق كلامه انما هو في الترك المجلوبين من تلك الناحية لا من ناحية خوارزم ولا ما وراء النهر قال بيبرس ولما استولى التتر على بلادهم سنة ست وعشرين والملك يومئذ بكرسي جنكزخان لولده دوشى خان واتفق ان شخصا من قبيلة دورت يسمى منقوش بن كتمر خرج متصيدا فلقيه آخر من قبيلة طغصبا اسمه آقاكبك وبين القبيلتين عداوة مستحكمة فقتله وأبطأ خبره عن أهله فبعثوا طليعة لاستكشاف أمره اسمه جلنقر فرجع إليهم وأخبرهم وأنه قتل وسمى لهم قاتله فجمعوا للحرب وتزاحفت القبيلتان فانهزمت قبيلة طغصبا وخرج آقاكبك القاتل وتفرق جمعه فأرسل أخاه اقصر إلى ملكهم دوشى يستعلم ما على ذوي قبيلة دورت القفجاقية وذكره ما فعل كتمر وقومه بأخيه وأغراه بهم وسهل له الشأن فيهم وبعث دوشى خان جاسوسه لاستكشاف حالهم واختبار مراسهم وشكيمتهم فعاد إليه بتسهيل المرام فيهم وقال إن رأيت كلابا مكبين على فريستهم متى طردتهم عنها تمكنت منها فأطمعه ذلك في بلاد القفجاق واستحثه أقصر الذي جاء صريخا وقال له ما معناه نحن ألف رأس تجر ذنبا واحدا وأنتم رأس واحد تجر ألف ذنب فزاده ذلك اغراء ونهض بجموع التتر فأوقع بالقفجاق وأثخن فيهم قتلا وسبيا وأسرا وفرقهم في البقاع وامتلأت أيدي التجار وجلبوهم إلى مصر فعوضه الله بالدخول في الايمان والاستيلاء
(٣٧٢)