فهزموهم وحاصروا دمشق وملكوها بدعوة الصالح كما مر واستوحش بيبرس حتى بعث إليه الصالح بالأمان سنة أربع وأربعين ولحقه بمصر فحبسه على ما كان منه ثم أطلقه وكان من خواص الصالح أيضا قلاون الصالحي كان من موالي علاء الدين قراسنقر مملوك العادل وتوفى سنة خمس وأربعين وورثه الصالح بحكم الولاء ومنهم اقطاى الجامدار وايبك التركماني وغيرهم فأنفوا من استعلاء بطانة المعظم تورانشاه عليهم وتحكمهم فيهم فاعصوصبوا واعتزموا على الفتك بالمعظم ورحل من المنصورة بعد هزيمة الإفرنج راجعا إلى مصر فلما قربت له الحراقة عند البرج ليركب البحر كبسوه بمجلسه وتناوله بيبرس بالسيف فهرب إلى البرج فأضرموه نارا فهرب إلى البحر فرموه بالسهام فألقى نفسه في الماء وهلك بين السيف والماء لشهرين من وصوله وملكه ثم اجتمع هؤلاء الأمراء المتولون قتل تورنشاه ونصبوا للملك أم خليل شجر الدر زوجة الصالح وأم ولده خليل المتوفى في حياته وبه كانت تلقب وخطب لها على المنابر وضربت السكة باسمها ووضعت علامتها على المراسم وكان نص علامتها أم خليل وقدم أتابك على العساكر عز الدين الجاشنكير ايبك التركماني فلما استقرت الدولة طلبهم الفرنسيس في الفداء على تسليم دمياط للمسلمين فاستولوا عليها سنة ثمان وأربعين وركب الفرنسيس البحر إلى عكا وعظم الفتح وأنشد الشعراء في ذلك وتساجلوا ولجمال الدين بن مطروح نائب دمشق أبيات في الواقعة يتداولها الناس لهذا العصر والله تعالى ولى التوفيق وهي قل للفرنسيس إذا جئته * مقال صدق عن قوول فصيح آجرك الله على ما جرى * من قتل عباد يسوع المسيح أتيت مصرا تبتغى ملكها * تحسب أن الزمر بالطبل ريح فساقك الحين إلى أدهم * ضاق بهم في ناظريك الفسيح وكل أصحابك أودعتهم * بسوء تدبيرك بطن الضريح خمسون ألفا لا يرى منهم * الا قتيل أو أسير جريح وفقك الله لأمثالها * لعلنا من شركم نستريح ان كان باباكم بذار راضيا * فرب غش قد أتى من نصيح أوصيكم خيرا به انه * لطف من الله إليكم أتيح لو كان ذا رشد على زعمكم * ما كان يستحسن هذا القبيح فقل لهم ان اضمروا عودة * لاخذ ثار أو لقصد قبيح دار ابن لقمان على حالها * والقيد باق والطواشي صبيح
(٣٦١)