وطمسوا معالم الملة وكادت تكون من أشراط الساعة وقد شرحناها في أخبار الخلفاء ونذكرها في أخبار التتر فبادر الناصر صاحب دمشق بمصانعته وبعث ابنه العزيز محمدا إلى السلطان هلاكو بالهدايا والالطاف فلم يغن ورده بالوعد ثم بعث هلاكو عساكره إلى ميافارقين وبها الكامل محمد بن المظفر شهاب الدين غازي بن العادل الكبير فحاصروها سنتين ثم ملكوها عنوة سنة ثمان وخمسين وقتلوه وبعث العساكر إلى أربل فحاصروها ستة أشهر وفتحوها وسار ملوك بلاد الروم كيكاوس وقليج أرسلان ابنا كنجسر وإلى هلاكو اثر ما ملك بغداد فدخلوا في طاعته ورجعوا إلى بلادهم وسار هلاكو إلى بلاد آذربيجان ووفد عليه هنالك لؤلؤ صاحب الموصل سنة سبع وخمسين ودخل في طاعته ورده إلى بلده وهلك اثر ذلك وملك الموصل مكانه ابنه الصالح وسنجار ابنه علاء الدين ثم أوفد الناصر ابنه على هلاكو بالهدايا والتحف على سبيل المصانعة واعتذر عن لقائه بالتخوف على سواحل الشام من الإفرنج فتلقى ولده بالقبول وعذره وارجعه إلى بلده بالمهادنة والمواعدة الجميلة ثم سار هلاكو إلى حران وبعث ابنه في العساكر إلى حلب وبها المعظم تورانشاه ابن صلاح الدين نائبا عن الناصر يوسف فخرج لقتالهم في العساكر وأكمن له التتر واستجروهم ثم كروا عليهم فأثخنوا فيهم ورحلوا إلى عزاز فملكوها صلحا وبلغ الخبر إلى الناصر وهو بدمشق فعسكر عن ثورة سنة ثمان وخمسين وجاء الناصر بن المظفر صاحب حماة فأقام معه ينتظر أمرهم ثم بلغه ان جماعة من مواليه اعتزموا على الثورة به فكر راجعا إلى دمشق ولحق أولئك الموالى بغزة ثم اطلع على خبثهم وان قصدهم تمليك أخيه الظاهر فاستوحش منهم ولحق الظاهر بهم فنصبوه للامر واعصوصبوا عليه وكان معهم بيبرس البندقدارى وشعر بتلاشي أحوالهم فكاتب المظفر صاحب مصر واستأمن إليه فأمنه وسار إلى مصر فتلقى بالكرامة وأنزل بدار الوزارة وأقطعه السلطان قطر قليوب بأعماله ثم هرب هلاكو إلى الفرات فملك وكان بها إسماعيل أخو الناصر معتقلا فأطلقه وسرحه إلى عمله بالصبينة وبانياس وولاه عليهما وقدم صاحب أرزن إلى تورانشاه نائب حلب يدعوه إلى الطاعة فامتنع فسار إليها وملكها عنوة وأمنها واعتصم تورانشاه والحامية بالقلعة وبعث أهل حماة بطاعتهم إلى هلاكو وأن يبعث عليهم نائبا من قبله ويسمى برطانتهم الشحنة فأرسل إليهم قائدا يسمى خسرو شاه وينسب في العرب إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه وبلغ الناصر أخذ حلب فأجفل عن دمشق واستخلف عليها وسار إلى غزة واجتمع عليه مواليه وأخوه وسار التتر إلى نابلس فملكوها وقتلوا من كان بها من العسكر وسار الناصر من غزة إلى العريش وقدم رسله إلى قطر تسأله النصر من عدوهم واجتماع الأيدي على المدافعة ثم تقدموا إلى
(٣٦٥)