والمذهب الأول أظهر، والدليل عليه قوله تعالى: " وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك " (1) الآية، وفيها دليلان.
أحدهما: قال فلتقم طائفة منهم معك فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم - يعني تجاه العدو - فقد أخبر أنهم يفعلون قياما وسجودا، فقد ثبت أنهم أنما يصلون ركعة واحدة.
والثاني: قال: ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك - يعني يصلون صلاتهم معك - والذي بقي عليه ركعة واحدة ثبت أن الذي يصلون معه الركعة الباقية.
وأيضا إجماع الفرقة على ذلك، وأخبارهم تشهد بذلك، لأنها تتضمن صفة صلاة الخوف ركعتين ولم يفصلوا بين حال السفر والحضر، فيجب حملها على جميع الأحوال، وقد ذكرناها في الكتابين المقدم ذكرهما (2).
وروى حريز عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن صلاة الخوف وصلاة السفر تقصران؟ قال: نعم، وصلاة الخوف أحق أن تقصر من صلاة السفر الذي ليس فيه خوف (3).
وإذا نصرنا القول الآخر، فدليله أن الصلاة أربع ركعات في الذمة وأسقطنا حال السفر ركعتين بدليل، ولم يقم دليل على إسقاط شئ منها في غير السفر.
ويقوي الطريقة الأولة ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه صلى صلاة الخوف في المواضع التي صلاها ركعتين، ولم يرو أنه صلى أربعا في موضع من المواضع.