صومه سنة وليتأسى به الناس فلما أن قبض كنت أنا الإمام فأردت أن لا يتخذ صومي سنة فيتأسى الناس بي ".
وروى في الكافي عن زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) (1) قالا: " لا تصم في يوم عاشوراء ولا عرفة بمكة ولا في المدينة ولا في وطنك ولا في مصر من الأمصار ".
والذي يقرب عندي من التأمل في هذه الأخبار بعين الفكر والاعتبار أنها إلى الدلالة على عدم الاستحباب كما في سائر الأيام المذكورة في المقام أقرب وإن كان الصيام في حد ذاته مستحبا مطلقا.
ويدل على ذلك أولا الخبران الدالان على أن الرسول صلى الله عليه وآله بعد نزول شهر رمضان لم يصمها مع ما علم من ملازمته صلى الله عليه وآله على صيام السنة.
وثانيا قول الحسين عليه السلام في حديث سالم المذكور: أن الحسن عليه السلام في وقت إمامته وكذلك هو عليه السلام إنما لم يصوما لئلا يتخذ الناس صومه سنة وليتأسى الناس بهما في ترك صومه، فإنه ظاهر كما ترى في عدم الاستحباب على الوجه المذكور.
وأما ما ذكره في الوسائل - من أن المقصود دفع توهم الناس وجوب صوم يوم عرفة لا استحبابه فبعيد عن ظاهر الخبر كما لا يخفى على المتأمل فيه.
وثالثا ما صرح به عليه السلام في حديث يعقوب بن شعيب من التخيير بين الصوم وعدمه، ومن الظاهر منافاته للترغيب المذكور في هذه الأيام المعدودة في المقام.
والسؤال ليس عن وجوبه حتى يحمل الكلام على دفع الوجوب بل السؤال عن استحبابه على وجه الترغيب كغيره من الأيام المعدودة.
ورابعا - النهي المؤكد في رواية زرارة الأخيرة.
والأصحاب (رضوان الله عليهم) حيث قالوا باستحبابه جمعوا بين روايات النهي وروايات الاستحباب بحمل أخبار النهي على ما إذا لزم منه الضعف عن الدعاء