____________________
قد تقدم (1) أن الرشد لا يتحقق إلا باختياره بما يلائمه من التصرفات والأعمال. وبين هنا أن محل هذا الاختبار قبل البلوغ، لقوله تعالى: * (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) * (2). ووجه دلالة الآية على ذلك من وجهين: أحدهما: جعل متعلق الابتلاء اليتامى. والمراد باليتيم لغة (3) وشرعا من لا أب له وهو دون البلوغ، فالبالغ ليس بيتيم بطريق الحقيقة، وإطلاق اللفظ محمول على الحقيقة إذا لم يمنع منها مانع. وهو منتف هنا. والثاني قوله تعالى * (حتى إذا بلغوا النكاح) * جعل غاية اختبارهم البلوغ، فدل على أن الاختبار قبله. ولأن تأخير الاختبار إلى البلوغ يؤدي إلى الاضرار به، بسبب الحجر عليه ومنعه ماله، مع جواز كونه بالغا رشيدا، لأن المنع يمتد إلى أن يختبر ويعلم رشده، وربما طال زمانه بسبب العلم بالملكة السابقة، فإذا أمكن دفع هذا الضرر بتقديم الاختبار كان أولى.
هذا مما لا خلاف فيه عندنا، وإنما خالف فيه بعض العامة (4)، وجعله بعده.
نعم، شارحا القواعد (5) حملا عبارتها على أن الاختبار بعد البلوغ، وجعلا الخلاف في صحة البيع الواقع بالاختبار متفرعا على ذلك. ولا ضرورة داعية إليه.
إذا تقرر ذلك فنقول: إذا كان الاختبار بمثل البيع لمن هو من أهله، فماكس الصبي فيه وظهر رشده وأوقعه، هل يكون صحيحا أم لا؟ وجهان:
أحدهما: الوقوع، لأمره تعالى بالابتلاء، وهو يقتضي كون الفعل الصادر من الصبي معتبرا، خصوصا على القول بأن أفعاله شرعية، ومع ذلك قد انضم إلى إذن
هذا مما لا خلاف فيه عندنا، وإنما خالف فيه بعض العامة (4)، وجعله بعده.
نعم، شارحا القواعد (5) حملا عبارتها على أن الاختبار بعد البلوغ، وجعلا الخلاف في صحة البيع الواقع بالاختبار متفرعا على ذلك. ولا ضرورة داعية إليه.
إذا تقرر ذلك فنقول: إذا كان الاختبار بمثل البيع لمن هو من أهله، فماكس الصبي فيه وظهر رشده وأوقعه، هل يكون صحيحا أم لا؟ وجهان:
أحدهما: الوقوع، لأمره تعالى بالابتلاء، وهو يقتضي كون الفعل الصادر من الصبي معتبرا، خصوصا على القول بأن أفعاله شرعية، ومع ذلك قد انضم إلى إذن