وأما في قسم الطلب والأمر فالمقصود منه التنبيه على العلة وأن الجزاء من جنس العمل فإذا قلت: [علم كما علمك الله]، و {وأحسن كما أحسن الله إليك} [القصص:
77]، و [اعف كما عفا الله عنك] ونحوه، كان في ذلك تنبيه للمأمور على شكر النعمة التي أنعم الله بها عليه، وأنه حقيق أن يقابلها بمثلها، ويقيدها بشكرها، وأن جزاء تلك النعمة من جنسها، ومعلوم أنه خطاب الله تعالى بشئ من ذلك، ولا يحسن في حقه فيصير ذكر التشبيه لغوا لا فائدة فيه وهذا غير جائز.
ونشير هنا أن ما أجاب به العلامة الحلي رضوان الله عليه على الإشكال قد يرد عليه بعض ما ذكر ففي المسائل العكبرية (المسألة الثانية) قال السائل قد أجمعنا أن محمدا وآله (صلوات الله عليهم)، أفضل من إبراهيم وآله عليهم السلام. قال: ونحن نسأل الله في الصلاة على ما ورد به الأثر (أن يصلي على محمد وآله كما صلى على إبراهيم وآل إبراهيم) فكأننا نسأله الحطيطة عن منزلتهم إذ كنا قد أجمعنا على أنهم أفضل من إبراهيم وآله...
والجواب: (وبالله التوفيق) أنه ليس [في مسألتنا] الله تعالى أن يصلي على محمد وآله كما على إبراهيم وآل إبراهيم، ما يقتضي الرغبة إليه في إلحاقهم بدرجة إبراهيم وآل إبراهيم، وأنهم محطوطون عن تلك الدرجة، وإنا نسأله التفضل عليهم برفعهم إليها، كما ظنه السائل وأشباهه ممن علم لهم بمعاني الكلام، وإنما المراد بذلك الرغبة إلى الله في أن يفعل بهم المستحق لهم من التعظيم والإجلال، كما فعل بإبراهيم وآله ما استحقوه من ذلك فالسؤال يقتضي تنجيز المستحق منه تعالى وإن كان أفضل مما استحقه إبراهيم وآله.
ولهذا نظير من الكلام في المتعارف، وهو أن يقول القائل لمن كسا عبده في ماضي الدهر وأحسن إليه: (اكس ولدك الآن كما كسوت عبدك)، و (أحسن إليه كما أحسنت إلى عبدك من قبل)، ولا يريد مسألة إلحاق الولد برتبة العبد في الإكرام ولا التسوية بينهما في ماهية الكسوة والإحسان ومماثلتهما في القدر، بل يريد به الجمع بينهما في الفعلية والوجود.