الاستدلال والتقريب إلى الفهم وتقرير ذلك الخبر، وأنه مما لا ينبغي لعاقل إنكاره كنظير المشبه به، فكيف تنكرون الإعادة وقد وقع الاعتراف بالبداءة وهي نظيرها، وحكم النظير حكم نظيره، ولهذا يحتج تعالى بالمبدأ على المعاد كثيرا قال تعالى: {كما بدأكم تعودون} [الأعراف: 29].
وقال تعالى: {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم} [يس: 78 و 79].
وهذا كثير في القرآن، وكذلك قوله تعالى: {إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا} [المزمل: 15]، أي: كيف يقع الإنكار منكم وقد تقدم قبلكم رسل مني مبشرين ومنذرين، وقد علمتم حال من عصى رسلي كيف أخذتهم أخذا وبيلا.
وكذلك قوله تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده} [النساء: 163]، أي: لست أول رسول طرق العالم، بل قد تقدمت قبلك رسل أوحيت إليهم كما أوحيت إليك، كما قال تعالى: {قل ما كنت بدعا من الرسل} [الأحقاف: 9]، فهذا رد وإنكار على من أنكر رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع مجيئه بمثل ما جاءت به الرسل من الآيات، بل أعظم منها فكيف تنكر رسالته؟
وليست من الأمور التي لم تطرق العالم، بل لم تخل الأرض من الرسل وآثارهم فرسولكم جاء على منهاج من تقدمه من الرسل في الرسالة لم يكن بدعا.
وهكذا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [لو إنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا] إخبارا بأنه تعالى يرزق المتوكلين عليه من حيث لا يحتسبون، وأنه لا يخليهم من رزق قط، كما ترون ذلك في الطير، فإنها تغدو من أوكارها خماصا، فيرزقها تعالى، حتى ترجع بطانا من رزقه، وأنتم أكرم على الله من الطير ومن سائر الحيوانات، فلو توكلتم عليه لرزقكم من حيث لا تحتسبون، ولم يمنع أحدا منكم رزقه، هذا ما كان من قبيل الإخبار.