ولا تخفى الإشارة في قول الإمام: إلى استمرارية الفيض لعصمتهم عليهم السلام كما أنه من معاني التزكية الإلهية لهم، وتكون الصلاة من المؤمنين حينئذ طلبا لتلك التزكية مع الاعتقاد بذلك. وعليه فإن الصلاة تزداد أجرا، وثوابا، وتأثيرا في غفران الذنوب ومحو السيئات، وكذلك يتفاوت النفع للمصلي حسب معرفته بهم عليهم السلام ومراتبها عنده. فتكون الصلوات ترقيا لمقاماتهم، وتعرضا للطفه تعالى وطلبا لرحمته، وتقربا لنا منه تعالى، وغفرانا لذنوبنا، واستجابة لدعواتنا، ورجاء شفاعة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ففي الدر المنثور للسيوطي، ج: 5، ص: 219، قال: وأخرج الإصبهاني في الترغيب، والديلمي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: [إن أنجاكم يوم القيامة من أهوالها، ومواطنها أكثركم علي في دار الدنيا صلاة، إنه قد كان في الله وملائكته كفاية، ولكن خص المؤمنين بذلك ليثيبهم عليه].
وقد أفصح عن ذلك الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام. ففي كتاب الأشعث الذي دفعه إليه جعفر بن محمد الصادق عليها السلام وكان من الصلاة على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فيه: [اللهم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم كما وصفته في كتابك حيث تقول: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} [التوبة: 128]، فأشهد أنه كذلك، وأنك لم تأمر بالصلاة عليه إلا بعد أن صليت عليه أنت وملائكتك، وأنزلت في محكم قرآنك: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}، لا لحاجة إلى صلاة أحد من المخلوقين بعد صلواتك عليه، ولا إلى تزكيتهم إياه بعد تزكيتك، بل الخلق جميعا هم المحتاجون إلى ذلك، لأنك جعلته بابك الذي لا تقبل ممن أتاك إلا منه، وجعلت الصلاة عليه قربة منك، ووسيلة إليك، وزلفة عندك، ودللت المؤمنين عليه وأمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا أثرة لديك وكرامة عليك ووكلت بالمصلين عليه ملائكتك يصلون عليه ويبلغونه صلاتهم وتسليمهم...] (30).