ولقد قام الإجماع على أن قوله: {إن الله وملائكته يصلون على النبي...} الآية تعظيم للنبي الأكرم صلى الله عليه (وآله) وسلم وتنويه به ما ليس في غيرها، وربما يقال: أن التعظيم من لوازم الصلاة بل هي من علل التشريع كما مر، ولذا قال: الإمام سهل بن محمد بن سلمان: هذا التشريف الذي شرف الله تعالى به محمدا صلى الله عليه (وآله) وسلم بقوله: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} أتم وأجمع من تشريف آدم عليه السلام بأمر الملائكة له بالسجود، لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة بذلك التشريف.
وقد أخبر الله تعالى عن نفسه جل جلاله بالصلاة على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ثم عن الملائكة بالصلاة عليه فتشريف يصدر عنه تعالى أبلغ من تشريف تختص به الملائكة من غير أن يكون الله تعالى معهم في ذلك (22).
أقول: وإضافة على ذلك أن سجود الملائكة لآدم عليه الصلاة والسلام كان مرة واحدة أما نبينا محمد فصلوات الله والملائكة والناس أجمعين بل كل ما خلق وبرأ كل آن إلى ما شاء الله تعالى وباقية ببقائه تعالى وقد روي كل ذلك أيضا (23).
ويستفاد هذا المعنى بموجب قوله تعالى في الآية: {يصلون} بالفعل المضارع الدال على حدوث واستمرار وقوع الصلاة من الله تعالى، ومن الملائكة وهو كما ينبغي أن يكون بمقتضى حكمته لقابلية المحل وكرم المبدأ، والمناسب أن يكون كذلك من المؤمنين في مقام التشريع.
ومما يعرفك بتعظيم - النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آله عليهم الصلاة والسلام - أنك لم تجد في القرآن الكريم بمثل هذا النوع: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلوا تسليما} من التعظيم والتكريم لأحد من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.