إفاضة الطهارة لدفع ذلك، وليس لرفعه فإذا صلوا على أهل الطهارة قدسوهم طاعة لله وطلبوا الفيض للعلة المبقية لذلك أو استجلاب ذلك للداعي من بركتهم.
وإنما قلنا ذلك لأن الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فهم يتبعون الله في الإقرار بنزاهتهم وقدسيتهم. ويرى البعض أن معنى تزكية الله: أي تطهيره لمن ارتضى عن عباده بحيث يستحق في الدنيا الأوصاف المحمودة وفي الآخرة الأجر والمثوبة والدرجات الرفيعة.
و (هنا) لابد من إمعان النظر فيما روي عن عبد الرحمن بن كثير قال: سألته (أي الصادق عليه الصلاة والسلام) عن قول الله تبارك وتعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} فقال: [صلاة الله تزكية له في السماء] قلت: ما معنى تزكية الله إياه؟ قال: [زكاه بأن برأه من كل نقص وآفة يلزم مخلوقا] قلت: فصلاة المؤمنين؟ قال: [يبرؤنه، ويعرفونه بأن الله قد برأه من كل نقص هو في المخلوقين من الآفات التي تصيبهم في بنية خلقهم فمن عرفه ووصفه بغير ذلك فما صلى عليه] قلت: فكيف نقول نحن إذا صلينا عليهم؟ قال تقولون: [اللهم إنا نصلي على محمد نبيك وعلى آل محمد كما أمرتنا به وكما صليت أنت عليه فكذلك صلاتنا عليه] (28).
أقول: فمعنى الصلاة من ملائكته التزكية له صلى الله عليه وآله وسلم أي الإقرار بكرامته ومكانته من الله عز وجل، والملائكة قد أذعنت لساحته تواضعا لله فقربها بالموالاة لوليه الأعظم، وإلا فما حاجته إلى صلوات ملائكة الله وصلواتنا إلا حاجاتهم وحاجاتنا لهم ترقيا لمقاماتهم ولنا غفرانا لذنوبنا، ومن حاجاتهم أن يتقربوا إلى الله تعالى، ويتبركوا بهم ويترقوا إلى نحو الكمال في توجههم إلى الذوات في مقام الإفاضة بنحو يتناسب مع سنخيتهم في التوجه إليها، وهي عبارة عن بركتهم بهم.
وفي الدر المنثور، (29) عن ابن عباس قال: {يصلون} أي يتبركون.