وهناك أخبار كثيرة في هذا المعنى كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: [من صلى علي صلى الله وملائكته عليه بعشرة]، وفي بعض الأخبار: [بسبعين]، وفي آخر: [بألف] كل ذلك حسب تجسيد الذكر في مقام الإيمان والعمل والإخلاص والمعرفة..
أجل إن الذاكرين الله كثيرا ليسوا وحدهم في سيرهم إلى الله بل بمقتضى قوله تعالى:
{يصلي} وهو فعل مضارع دال على التجدد والاستمرار يسيرون في ظل رحمة الله الخاصة، وإعانة الملائكة.
ويحصل لهم بذلك نور الإيمان غامرا قلوبهم مبصرين به سبل الحق.. كل ذلك ليخرجهم من ظلمات الجهل والكفر إلى نور المعرفة والإيمان من ظلمات الباطل والطغيان إلى نور الهدى، والحق، والطاعة، ومن طريق الحيرة، والخسران إلى سواء السبيل، والنجاة.. وبتعبير آخر: أن خلاصة معنى قوله تعالى: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما} هو قوله تعالى:
{... ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون} [الأعراف: 156] ولهذه الرحمة كتب على نفسه هدايتهم وإرشاده وأمر ملائكته أن تعينهم في ذلك [1].
قال في الميزان عند تفسير الآية: الصلاة في الأصل: التعطف لأن المصلي يتعطف في ركوعه، وسجوده. فاستعير لمن يتعطف على غيره حنوا وترؤفا. وهذا يختلف باختلاف ما نسب إليه ولذلك قيل أن الصلاة من الله تعالى الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الناس الدعاء، ولكن الذي نسب من الصلاة إلى الله تعالى في القرآن الكريم هو الصلاة بمعنى الرحمة الخاصة بالمؤمنين، وهي التي تترتب عليها سعادة العقبى والفلاح المؤبد.
وعلى (هذا القول جمهور المفسرين وهو المروي أيضا) ولذلك علل صلاته عليهم بقوله:
{ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما}. انتهى.