عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: [قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد]، فلو لم يعلم أن الله سبحانه قد صلى عليهم كما صلى عليه لم يأمر بالصلاة عليه وعليهم.
ويؤيد هذا: أنه أوجب الصلاة عليه وعليهم في جميع الصلوات، ولما أمر الله سبحانه المؤمنين بالصلاة والتسليم على النبي وآله صلوات الله عليهم أخبرهم بأنه قد صلى على آله وسلم أيضا في قوله تعالى: {سلام على إلياسين} فقد حصلت لهم الصلاة والتسليم من الله العزيز الحكيم، كما حصلت للنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وما ذلك إلا أن فضلهم من فضله الباهر، وأصلهم الطاهر (10).
وعلى أية حال فقد تلخص من كلامنا في تفسير الآية: أن صلاة الله وملائكته بالمعنى المذكور (العناية الربانية والإعانة الملائكية) على المؤمنين إنما كان ذلك بسبب الذكر الكثير، والتسبيح المتواصل ليخرجهم من الظلمات إلى النور وأين هذا النوع من الصلاة بالنسبة إلى الصلاة على محمد وآل محمد التي هي نور على نور. فإن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو نور في جميع حالاته بعيدا عن كل ظلمة قال تعالى: {... قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين} [المائدة: 15]، وقال في صفته صلى الله عليه وآله وسلم {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا} [الأحزاب: 45 و 46]، فالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو نور بنفسه، ويهدي إلى نور وهو في نور كامل ويقول الله فيه {وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} [الأنعام: 122]. وقال تعالى: {قد أنزل الله إليكم ذكرا * رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور} [الطلاق : 11]. وقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد} [إبراهيم: 1]، فمعه الكتاب النور، ولأن الكتاب متجسد في روحه وكان خلقه القرآن، فهو إذن نور على نور بل جسد هذه الصلاة التي