فإن الصلاة معناها التعطف والانعطاف ومعنى الانعطاف هو العلاقة والرابطة والصلة بين العبد وربه وتزداد في استعمالها من المعاني ما يناسب المسند إليه أو من أجله، وهناك قرائن كثيرة تدل على اختلاف معاني الصلاة ولو باستعمال واحد، ولا يلزم استخدام المشترك اللفظي في استعمال واحد بمعنيين مختلفين، وذلك بلحاظ العنوان العام، والمعنى الكلي الذي ينطبق على جميع المعاني التي ذكرت للصلاة، ثم يستفاد لكل واحد ممن أسندت إليه الصلاة خصوصية من خلال القرائن اللفظية والخارجية والعقلية، وما هو بمثابة الفصل لتخصيص المعنى الكلي يمتاز عن الباقي.
فصلاة الله تعالى انعطاف برحمة أو انعطاف بلطف خاص، وانعطاف بفيض معين..
وصلاة من الملائكة تكون انعطاف إلى نحو الكمال فيما يناسبهم وانعطاف في حركتهم التنزيهية للمصلى عليهم، أو انعطاف بطلب مغفرة للعباد، أو انعطاف بطلب رحمة خاصة.. ومن الناس تكون انعطاف وتعطف إلى الله بعبادة خاصة، أو انعطاف بطلب رحمة على واسطة الفيض لتصل آثارها إليهم، أو انعطاف بطلب المغفرة لهم كذلك، إلى آخر المعاني والخصوصيات التي ستطلع عليها خلال مطالب هذا الكتاب.
ولا يخفى أن الأقسام الأربعة التي مرت في القرآن أيضا ينطبق عليها هذا العنوان العام فصلاة منه تعالى انعطافه بإخراجهم من الظلمات إلى النور، وصلاة بانعطافه تعالى عليهم بعناية خاصة للصابرين، وصلاة بانعطافه على كل شئ بإيصال الفيض.. وصلاة من النبي الأكرم على مؤتي الزكاة بطلب البركة في أموالهم وتطمينهم، وصلاة منه بطلب المغفرة لهم وصلاة منه بطلب الكرامة وإلى آخره.
إذن الصلاة ليست هي بمعنى الدعاء فقط بل الدعاء هو انعطاف خاص وهناك خصوصية في مصداق الصلاة كالطلب للداني من العالي تحدد لنا العنوان العام والجامع الكلي، وهكذا يقال في جميع استعمالاتها ففي الخبر الصحيح كما في الكافي عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: إذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأكثروا الصلاة