أمره عليه السلام.
ثم لو سلم أن الأمر بالدفع لا يرجع إلى مجرد القيد، بل إلى الدفع المقيد، لكن نقول: إن هذا الأمر مقيد للأوامر العامة، بوجوب إخراج الزكاة إلى الفقراء بما إذا لم يطلبه الإمام عليه السلام الذي هو الولي للفقراء، ضرورة التعارض بين جواز دفع المال إلى الفقراء، وبين وجوب دفع ذلك المال بعينه إلى وليهم، نظير التعارض الواقع بين تعيين عتق الرقبة المؤمنة المستفاد من قوله: أعتق رقبة مؤمنة، وجواز عتق الكافرة المستفاد من قوله: أعتق رقبة، فليس هذا من مسألة الضد، بل من المطلق والمقيد المثبتين.
اللهم إلا أن يقال: إن التكليف بالمقيد هنا تكليف آخر مغاير للتكليف بالمطلق، لأن التكليف بالمطلق إنما هو بإيتاء الزكاة، والتكليف بالمقيد إنما هو بإجابة الإمام عليه السلام.
نعم لو دل دليل على أن إيتاء الزكاة يجب أن يكون بالدفع إلى الإمام عليه السلام كان التقييد متوجها (1) كما في المثال المذكور، ولذا يستحق الدافع إلى الإمام عليه السلام ثوابا على الزكاة، وثوابا على إجابة الإمام عليه السلام وكذا يستحق عقابين لو ترك أصل الزكاة، أحدهما: على ترك الزكاة، والآخر: على معصية الإمام عليه السلام، بخلاف مثل المطلق والمقيد.
فالتحقيق إرجاع المسألة إلى مسألة الضد، مع إمكان أن يقال: إن مقتضى عموم وجوب الدفع إلى الإمام عليه السلام من باب الإطاعة هو عدم ترتب الأثر على دفعه إلى الفقير، بل المزكي بعد دفع المال إلى الفقير مكلف بدفعه إلى الإمام عليه السلام، فيجب عليه استرجاعه من الفقير، ودفعه إلى الإمام عليه السلام أو دفع الزكاة من ماله إليه، وهذا معنى عدم الاجزاء، كما ذكرنا نظيره في مسألة من نذر