فإن كان ممن لا يمتنع عنها إذا اطلع على كونها زكاة، فمقتضى العمومات الجواز، بناء على أن قبض الزكاة ليس كالقبول الفعلي للعقود يعتبر فيها المطابقة للايجاب الحاصل بالدفع، بل المقصود قبول تملكه على أي نحو كان، ليتحقق للمعطي امتثال أوامر الايصال والدفع والصرف، وإن امتنع (1) إذا اطلع على كونها زكاة.
فهذا هو الذي دلت الحسنة على النهي عن إعطائها.
فإن حملنا النهي على كراهية الدفع إليه، أو على خروجه عن الاستحقاق لأجل الاستنكاف عما رضى الله له كما ورد (2): " إن تارك الزكاة وقد وجبت له كمانعها وقد وجبت عليه " (3) فيخرج عن العدالة، أو على كون النهي تعبد الحكمة حرمان ذلك الشخص لعله يتنزل عن الاستنكاف، ويرضى بما قسم الله له، أو للعقوبة على الصفة المذكورة.
فوجه الجمع بين الحسنة وبين العمومات على هذه الوجوه.
ولو خليناها على ما يظهر منها سيما قوله عليه السلام: " فإن لم يقبلها على وجه الزكاة " (4) من (5) أنه يعتبر في قبض الزكاة قبولها على أنه زكاة، أشكل الأمر في هذا القسم من الصورة الرابعة، بل القسم الأول منها، لأن المفروض اشتراك القسمين في وقوع القبول على غير وجه الصدقة، وإن أمكن الفرق بينهما بأن القابض في القسم الأول حيث إنه لا يأبى عن أخذ الصدقة إنما يقصد قبض المدفوع إليه على وجه مطلق التملك (6) وإن صرح الدافع بكونها هدية، لكن