أفاضل العلماء وأكثر العلماء والفقهاء المشهورين بعده في العراق وإيران اخذوا عنه واستفادوا منه.
وتخرج على يده مئات من العلماء. ولم يكن في زمانه أرقى تدريسا منه وأكثر فوائد وله التدريس العام المشتمل على أصناف العلماء مع ما في درسه من التطويل المستغنى عنه، فقد قيل إنه بقي في تعريف البيع شهورا ولكن ذلك كان متعارفا في ذلك العصر وقبله عند الكثيرين وهو من تضييع العمر فيما لا فائدة فيه. وفي سنة 1302 خرج إلى خراسان فنال رعاية الشاه ناصر الدين القاجاري وحفاوة الأمة الإيرانية وأهديت اليه من الفريقين الأموال والهدايا الكثيرة. رأيناه في النجف الأشرف وبقي حيا ونحن فيها ثلاث سنين ونصفا وذلك من منتصف ذي الحجة سنة 1308 إلى حين وفاته فرأيناه شيخا تعلوه المهابة والوقار ودرسه عامر بشيوخ العلماء من الفرس والعرب، والشيوخ من بيوتات العلم في النجف كلهم يحضرون درسه ويأنفون من الحضور في غير درسه أمثال العباسين من آل الشيخ جعفر والشيخ عبد الحسن ابن الشيخ راضي والسيد حسين القزويني وغيرهم ومع ما كان عليه من المرتبة العلمية لم يقلد ولم تجب اليه الأموال وانما كان ذلك لمعاصره وشريكه في الدرس عند الشيخ مرتضى الأنصاري وهو الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي نزيل سامراء على أن الشيرازي كان يصرح باجتهاده ويطالع في مؤلفاته أحيانا ويستجيدها وربما يعزى عدم تقليده وجباية الأموال اليه إلى سذاجته وسلامة نفسه واعراضه عن الرياسة، وذلك مما لا يعاب به. ومما يحكى من عدم مبالاته بالدنيا وأهلها أنه جاء بعض أمراء الفرس - ويلقب علاء الدولة - ومعه من الأموال ما يريد دفعه لأحد كبار العلماء، فأشير عليه بالمترجم وأحضروه اليه وطلبوا إلى المترجم ان يحترمه ويعتني به.
فلما دخل وسلم وجلس التفت اليه بعد هنيهة وقال له (تو علاء الدولة هستي) أأنت علاء الدولة؟ لم يزده على ذلك. فخرج وصرف تلك الأموال إلى غيره. ومما يحكى عنه: أنه لما دخل إلى محل الاستقبال في قصر ناصر الدين شاه وكل حيطانه مرايا جعل يرى صورته وصورة من معه في تلك المرايا أينما التفت، فيظن انهم جماعة من العلماء فيسلم عليهم حتى نبه على ذلك. وكان متورعا في الفتوى شديد الاحتياط ولعله لشدة احتياطه لم يقلد ولم يمرض ان يقلده أحد. وكان دائم العبادة مواظبا على السنن كثير الصلاة كثير الصمت يدأب في العبادة حتى في السفر، فهو في جميع أوقاته - حتى في حال خروجه للدرس ولزيارة الحضرة الشريفة ذاهبا وآيبا مشغول بصلاة النافلة والذكر وقراءة القرآن دائم الطهارة، وكان في الزهد على جانب عظيم. ومن شدة ورعه ما ينقل أنه كان يمر ناعلا في السقيفة التي خلف الحضرة الشريفة العلوية من جهة الغرب لما جاء في بعض الروايات ان رأس الحسين مدفون فوق رأس أبيه عليهما السلام ولم يعين محله فمن المحتمل كونه في ذلك الدهليز. ومن تثبته في الأحكام ما حكاه الشيخ كاظم الحكيم النجفي وكان من الملازمين - لمجلسه انه سمع مرة الشهادة باثبات هلال شوال فبلغ الشهود فوق الأربعين فقال له (آشيخ كاظم نزديك قطع شداست) اي صار قريب القطع فقال له: تصدعت يا شيخنا! شهادة أربعين تفيد قريب القطع؟ فما الذي يفيد القطع؟! وكان الشيخ كاظم هذا يقول: الفرق بيني وبين الميرزا حبيب الله في مجالس انشاد الشعر أنني أعرف ان قول أحسنت ليس جزءا من البيت، أما هو فلا! ومما جرى، والحديث شجون، أن كبار من يحضرون مجلس درسه - في الزمن الذي كنا فيه في النجف اتفقوا على أن يصنع كل منهم دعوة غداء للشيخ وحضار مجلس درسه، ففعلوا وبالغوا في التأنق في تلك الولائم. فلما وصلت النوبة إلى الشيخ عبد الحسن بن الشيخ راضي النجفي اقترحوا عليه ان يصنع لهم طعاما عربيا وهو (شلة ماش). فعمل دعوة وتأنق فيها، وكان من الطعام شلة عليها القيمر. فنقم الناس عليهم ذلك وعدوه خلاف الأولى لما ينبغي ان يكون عليه أهل العلم من التقشف واعتاده العامة منهم وان لم يكن فيما فعلوه كراهة ولا حظر في الشرع (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) فاتفق أن الشيخ عبد الحسن اجتمع بالسيد علي ابن عمنا السيد محمود فقال له من باب المطايبة لما كان عليه من حسن اخلاق هل تذكر ان أحدا غضب منك؟ فقال: لا لكنني غاضب منك. قال ولما ذا؟ قال لما تصنعونه من هذه الولائم التي أوجبت نقمة الناس عليكم. فقال: ما أصنع؟ وهل يمكنني أن لا أعمل لهم وليمة وقد طلبوها مني هكذا كانت سيرة أهل العلم في ذلك الزمن.
مشايخه قد عرفت انه قرأ المبادئ على علماء رشت وأنه قرأ في الأصول والفقه على الشيخ عبد الكريم القزويني وصاحب الجواهر والشيخ مرتضى الأنصاري وغيرهم.
تلاميذه له تلاميذ لا يحصون كثرة ويعدون بالمئات بل عرفت ان جل علماء الفرس والعرب خريجو مجلس درسه. وممن أخذ عنه السيد عبد المجيد الكروخي والملا غلام رضا القمي والميرزا أبو القاسم امام مسجد طهران والشيخ عبد الله المازندراني وغيرهم من مشاهير فقهاء الفرس والعرب الذين مر ذكر بعضهم. ويروي عنه بالإجازة المولى محمد طاهر بن محمد كاظم الأصفهاني نزيل مشهد عبد العظيم بالري. ويروي عنه بالإجازة أيضا الأمير عبد الصمد التستري.
مؤلفاته (1) البديع في الأصول مطبوع (2) كتاب الطهارة في مجلدين (3) كتاب الزكاة (4) كتاب صلاة المسافر (5) كتاب خلل الصلاة (6) كتاب التجارة فيه الإجارة ومعه بيع الفضولي والمعاطاة وفيه: الغصب والرهن واللقطة شرح على الشرائع مطبوع، وكتاب الغصب مطبوع مستقلا (7) كتاب القضاء والشهادات شرح على الشرائع ويمكن ان يكون تقرير بحثه في مجلد كبير رأيت منه نسخة في طهران في مكتبة شريعتمدار الرشتي (8) كتاب الوقف والصدقات واحياء الموات والصيد والذباحة (9) كاشف الظلام في علم الكلام (10) تقريرات في الإمامة وبعض مباحث الأصول و الفقه وفي الذريعة كتاب الإمامة فارسي مبسوط أقام عليها براهين لم يسبق إلى الاستدلال بها (11) رسالة في المشتق مطبوعة (12) تقريرات بحث أستاذه الشيخ مرتضى الأنصاري في الأصول في مجلدين فيهما تمام مسائل الأصول من المباحث اللفظية والأدلة العقلية ومنها تقريره لمسألتي تقليد الميت وتقليد الأعلم مطبوعان في آخر كتاب الغصب (13) تقرير بحث أستاذه المذكور في الفقه في الخلل وصلاة المسافر والوقف في عدة مجلدات ويمكن ان يكون كتاب صلاة المسافر وكتاب خلل الصلاة المتقدمين بعضا منها (14) كتاب في أصول الدين فارسي ويمكن كونه التقريرات في الإمامة المتقدم ذكره.