منطاش وتجهز لقصد الشأم ونادى في العساكر بذلك عاشر شعبان وقتل أهل الخلاف من الأمراء المحبوسين وأشخص البطالين من الأمراء إلى الإسكندرية ودمياط وخرج يوم عشري شعبان فخيم بالريدانية حتى أزاح علل العساكر وقضوا حاجاتهم واستخلف على القاهرة الأتابك كمشيقا الحموي وأنزله الإصطبل وجعل له التصرف في التولية والعزل وترك بالقاهرة من الأمراء جماعة لنظر الأتابك وتحت أمره وأنزل النائب سودون بالقلعة وترك بها ستمائة من مماليكه الأصاغر وأخرج معه القضاة الأربعة والمفتين وارتحل غرة رمضان من السنة بقصد الشأم وجاء الخبر رابع الشهر بأن منطاش لما بلغه مسيرة السلطان من مصر هرب من دمشق منتصف شعبان من عنقا بن أمير آل مراء الصريخ منطاش فكانت بينهما وقعة انهزم فيها الناصري وقتل جماعة من أمراء الشأم نحو خمسة عشر فيهم إبراهيم بن منجك وغيره ثم خرج الناصري من الغد في اتباع منطاش وقد ذكر له أن الفلاحين نزعوا من نواحي دمشق واحتاطوا به فركب إليه منطاش ليقاتله ففارقه أتابكه يمازتمر إلى الناصري في أكثر العساكر وولى هاربا ورجع الناصري إلى دمشق وأكرم يمازتمر وأجمل له الوعد وجاءه الخبر بأن السلطان قد دخل حدود الشأم فسار ليلقاه فلقيه بقانون وبالغ السلطان في تكرمته وترجل حين نزوله وعانقه وأركبه بقربه ورده إلى دمشق ثم سار في أثره إلى أن وصل دمشق وخرج الناصري ثانية ودخل إلى القلعة ثاني عشر رمضان من السنة والأمراء مشاة بين يديه والناصري راكب معه يحمل الخبز على رأسه وبعث يعبر في كتاب نائب حماة بالعذر عما وقع منه وانه اتهم الناصري في أمر منطاش فقصد حسم الفتنة في ذلك واستأمن السلطان وضمن له احضار منطاش من حيث كان فأمنه وكتب إليه بإجابة سؤاله ولما قضى عيد الفطر برز من دمشق سابع شوال إلى حلب في طلب منطاش ولقيه أثناء طريقه رسول سولى بن دلقادر أمير التركمان بهديته واستئمانه وعذره عن تعرضه لسيس وانه يسلمها لنائب حلب فقيل السلطان منه وأمنه ووعده بالجميل ثم وفد عليه أمراء آل مهنا وآل عيسى في الطاعة ومظاهرة السلطان على منطاش ويعبر وأنهما نازلان بالرحبة من تخوم الشأم فأكرم السلطان وفادتهم وتقبل طاعتهم وسار إلى حلب ونزل بالقلعة منها ثاني شوال ثم وصل الخبر إلى السلطان بأن منطاش فارق يعبرا ومر ببلاد ماردين فواقعته عساكر هناك وقبضوا على جماعة من أصحابه وخلص هو من الواقعة إلى سالم الرود كارى من أمراء التركمان فقبض عليه وأرسل إلى السلطان يطالعه بشأنه ويطلب بعض أمراء السلطان قراد مرداش نائب حلب في عساكره إلى سالم الرود كارى لاحضار منطاش واتبعه
(٥٠٢)