أن السلطان يملكها يومه ذلك فبقوا في ملكة منطاش وأجمعوا الفرار مرة بعد أخرى فلم يتهيأ لهم وشرع منطاش في الفتك بالمنتمين إلى السلطان من المماليك المحبوسين بالقلعة وغيرهم وذبح جماعة من الجراكسة وهم بقتل أشمس فدفعه الله عنه وارتحل الأمراء من مصر في العساكر السلطانية إلى الشأم مع الجوباني يطوون المراحل والأمراء من دمشق يلقونهم في كل منزلة هاربين إليهم حتى كان آخر من لقيهم ابن نصير أمير العرب بطاعة أبيه ودخلوا حدود الشأم ثم ارتبك منطاش في أمره واستقر الخوف والهلع والاسترابة بمن معه فخرج منتصف جمادى الأخيرة هاربا من دمشق في خواصه وأصحابه ومعه سبعون حلا من المال والأقمشة واحتمل معه محمد بن اينال وانتقض عليه جماعة من المماليك فرجعوا به إلى أبيه وكان يعير بن جبار أمير آل فضل مقيما في أحيائه ومعه أحياء آل مر وأميرهم عنقا بن فلحق بهم هنالك منطاش مستجيرا فأجاروه ونزل معهم ولما فصل منطاش عن دمشق خرج أشمس من محبسه وملك القلعة ومعه مماليك السلطان معصوصبون عليه وأرسل إلى الجوباني بالخبر فأغذ السير إلى دمشق وجلس بموضع نيابته وقبض على من بقي من أصحاب منطاش وخدمه مع من كان حبس هو معهم ووصل الطنبقا الحلبي ودمرداش اليوسفي من طرابلس وكان منطاش استقدمهم وهرب قبل وصولهم وبلغ الخبر إلى ايمازتمر وهو يحاصر حلب وأهل كانفوسا معصوصبون عليه فأجفل ولحق بمنطاش وركب كمشيقا من القلعة إليهم بعد أن أصلح الجسر وأركب معه الحجاب وقاتل أهل كانفوسا ومن معهم من أشباع منطاش ثلاثة أيام ثم هزموهم وقتل كمشيقا منهم أكثر من ثمانمائة وخرب كانفوسا فأصبحت خرابا وعمر القلعة وحصنها وشحنها بالأقوات وبعث الجوباني العساكر إلى طرابلس وملكوها من يد قشتمر الأشرفي نائب منطاش من غير قتال وكذلك حماة وحمص ثم بعث الجوباني نائب دمشق وكافل الممالك الشامية إلى يعبر ابن جبار أمير العرب باسلام منطاش واخراجه من أحيائه فامتنع واعتذر فبرز من دمشق بالعساكر ومعه الناصري وسائر الأمراء ونهض إلى مصر فلما انتهوا إلى حمص أقاموا بها وبعثوا إلى يعبر يعتذرون إليه فلج واستكبر وحال دونه وبعث إليه أشمس خلال ذلك من دمشق بأن جماعة شيعة بندمر وجنتمر يرومون الثورة فركب الناصري إلى دمشق وكبسهم وأثخن فيهم ورجع إلى العسكر وارتحلوا إلى سلمية واستمر يعبر في غلوائه وترددت الرسل بينهما فلم تغن ثم كانت بين الفريقين حرب شديدة وحملت العساكر على منطاش والعرب فهزموهم إلى الخيام واتبع دمرداش منطاش حتى جاوز به الحي وارتحلت العرب وحملوا بطانتهم على العسكر فلم يثبتوا لحملتهم وكان معهم آل
(٤٩٦)