إلى خيامه وبعث أمير حاجى بالتبري من الملك والعجز عنه والخروج إليه من عهدته فأحضر الخليفة والقضاة فشهدوا عليه بالخلع وعلى الخليفة بالتفويض إلى السلطان والبيعة له والعود إلى كرسيه وأقام السلطان بشقحب تسعا واشتد كلب البرد وافتقدت الأقوات لقلة الميرة فأجمع العود إلى مصر ورحل يقصدها وبلغ الخبر إلى منطاش فركب لاتباعه فلما أطل عليه أحجم ورجع واستمر السلطان لقصده وقدم حاجب غزة للقبض على ابن باكيش فقبض عليه ولما وافى السلطان غزة ولى عليها مكانه وحمله معتقلا وسار وهو مستطلع أحوال مصر حتى كان ما نذكره ان شاء الله تعالى [ثورة بكا والمعتقلين بالقلعة واستيلاؤهم عليها بدعوة السلطان الظاهر وعوده إلى كرسيه بمصر وانتظام أمره] كان منطاش لما فصل إلى الشأم بسلطانه وعساكره كما مر واستخلف على القاهرة دواداره سراي تمر وأنزله بالإصطبل وعلى القلعة بكا الأشرفي ووكله بالمعتقلين هنالك فأخذوا أنفسهم بالحزم والشدة وبعد أيام نمى إليهم أن جماعة من مماليك السلطان مجتمعون للثورة وقد داخلوا مماليكهم فبيتوهم وقبضوا عليهم بعد جولة دافع فيها المماليك عن أنفسهم ثم تقبضوا على من داخلهم من مماليكهم وكانوا جماعة كثيرة وحدثت لهم بذلك رتبة واشتداد في الحزم فنادوا بالوعيد لمن وجد عنده أحد من مماليك السلطان ونقلوا ابن أخت السلطان من بيت أمه إلى القلعة وحبسوه وأوعزوا بقتل الأمراء المعتقلين بالفيوم فقتلوا وعميت عليهم أنباء منطاش والعساكر وبعثوا من يقتص لهم الطريق ويسائل الركبان واعتزموا على قتل المسجونين بالقلعة ثم تلاوموا في ذلك ورجعوا إلى التضييق عليهم ومنع المترددين بأقواتهم فضاقت أحوالهم وضجروا وأهمتهم أنفسهم وفي خلال ذلك عثر بعضهم على منفذ إلى سرب تحت الأرض يقضى إلى حائط الإسطبل ففرحوا بذلك وتنسموا ريح الفرج ولما أظلتهم ليلة الأربعاء غرة صفر سنة ثنتين وتسعين مروا في ذلك السرب فوجدوا فيه آلة النقب فنقبوا الحائط وأفضوا إلى أعلى الإسطبل وتقدم بهم خاصكي من أكابر الخاصكية وهجموا على الحراس فثاروا إليهم فقتلوا بعضهم بالقيود من أرجلهم وهرب الباقون ونادوا شعبان بكا نائب القلعة يوهمون أنه انتقض ثم كسروا باب الإسطبل الأعلى والأسفل وأفضوا إلى منزل سراي تمر فأيقظه لغطهم وهلع من شأن بكا فأرمى نفسه من السور ناجيا ومر بالحاجب قطلوبقا ولحق بمدرسة حسن وقد كان منطاش أنزل بها ناشبة من التركمان لحماية الإسطبل وأجرى لهم الارزاق وجعلهم لنظر تنكر رأس نوبة ثم هجم أصحاب بكا على بيت سراي تمر فنهبوا ماله وقماشه وسلاحه وركبوا خيله واستولوا على الإسطبل
(٤٩٣)