حسن وذلك منذ دولة الترك وكان ملكهم بها بدويا وهم يعطون الطاعة لملك مصر ويقيمون مع ذلك الدولة العباسية للخليفة الذي ينصبه الترك بمصر إلى أن استقر أمرها آخر الوقت لاحد بن عجلان من رميثة بن أبي نمى أعوام سنة ستين وسبعمائة بعد أبيه عجلان فأظهر في سلطانه عدلا وتعففا عن أموال الناس وقبض أيدي أهل العيث والظلم وحاشيتهم وعبيدهم وخصوصا عن المجاورين وأعانه على ذلك ما كان له من الشوكة بقوة أخواله ويعرفون بنى عمر من اتباع هؤلاء السادة ومواليهم فاستقام أمره وشاع بالعدل ذكره وحسنت سيرته وامتلأت مكة بالمجاورين والتجار حتى غصت بيوتها بهم وكان عنان ابن عمه مقامس بن رميثة ومحمد ابن عمه ابن رميثة ينفسون عليه ما آتاه الله من الخير ويجدون في أنفسهم إذ ليس يقسم لهم برضاهم في أموال جبايته فتنكروا له وهموا بالانتقاض فتقبض عليهم وكان لهم حلف مع أخيه محمد بن عجلان فراوده على تركهم أو حبسهم فحبسوا ولبثوا في محبسهم ذلك حولا أو فوقه ثم نقبوا السجن ليلا وفروا فأدركوا من ليلتهم وأعيدوا إلى محبسهم وأفلت منهم عنان بن مقامس ونجا إلى مصر سنة ثمان وثمانين صريخا بالسلطان وعن قليل وصل الخبر بوفاة أحمد بن عجلان على فراشه وأن أخاه كبيش بن عجلان نصب ابنه محمدا مكانه وقام بأمره وانه عمد إلى هؤلاء المعتقلين فسمهم صونا للامر عنهم لمكان ترشيحهم فنكر السلطان ذلك وسخطه من فعلاتهم وافتياتهم ونسب إلى كبيش وأنه يفسد مكة بالفساد بين هؤلاء الأقارب ولما خرج الحاج سنة ثمان وثمانين أوصى أمير حاج بعزل الصبى المنصوب والاستبدال عنه بابن عنان بن مقامس والقبض على كبيش ولما وصل الحاج إلى مكة وخرج الصبى لتلقى المحمل الخلافي وقد أرصد الرجال حفافيه للبطش بكبيش وأميره المنصوب فقعد كبيش عن الحضور وجاء الصبى وترجل عن فرسه لتقبيل الخف من راحلة المحمل على العادة فوثب به أولئك المرصدون طعنا بالخناجر يظنونه كبيشا ثم غابوا فلم يوقف لهم على خبر وتركوه طريحا بالبطحاء ودخل الأمير إلى الحرم فطاف وسعى وخلع على عنان بن مقامس الامارة على عادة من سلف من قومه ونجا كبيش إلى جدة من سواحل مكة ثم لحق بأحياء العرب المنتبذين ببقاع الحجاز صريخا فقعدوا عن نصرته وفاء بطاعة السلطان وافترق أمره وخذله عشيره وانقلب الأمير بالحاج إلى مصر فعنفه السلطان على قتله الصبى فاعتذر بافتيات أولئك الرجال عليه فعذره وجاء كبيش بعد منصرف الحاج وقد انضم إليه أوباش من العرب فقعد بالمرصد يخيف السابلة والركاب والمسافرين ثم زحف إلى مكة وحاصرها أول سنة تسع وثمانين وخرج عنان بن مقامس بعض الأيام وبارزه فقتله واضطرب الامر
(٤٨١)