حتى أطلت مقدمتهم على بلبيس ثم تقدموا إلى بركة الحاج وخيموا بها لسبع من جمادى الأخيرة من السنة وبرز السلطان في مماليكه ووقف أمام القلعة بقية يومه والناس يتسايلون إلى الناصري من العساكر ومن العامة حتى غصت بهم بسائط البركة واستأمن أكثر الأمراء مع السلطان إلى الناصري فأمنهم واطلع السلطان على شأنهم وسارت طائفة من العسكر وناوشوهم القتال وعادوا منهزمين إلى السلطان وارتاب السلطان بأمره وعاين انحلال عقدته فدس إلى الناصري بالصلح وبعث إليه بالملاطفة وأن يستمر على ملكه ويقوم بدولته خدمه وأعوانه وأشار بأن يتوارى بشخصه أن يصيبه أحد من غير البيبقاوية بسوء فلما غشيه الليل أذن لمن بقي معه من مماليكه في الانطلاق ودخل إلى بيته ثم خرج متنكرا وسرى في غيابات المدينة وباكرهم الناصري وأصحابه القلعة فاستولوا عليها ودعوا أمير حاج ابن الأشرف فأعادوه إلى التخت كما كان ونصبوه للملك ولقبوه المنصور وبادروا باستدعاء الجوباني والأمراء المعتقلين بالإسكندرية فأغذوا السير ووصلوا ثاني يومهم وركب الناصري وأصحابه للقائهم وأنزل الجوباني عنده بالإصطبل وأشركه في أمره وأصبحوا ينادون بطلب السلطان الظاهر بقية يومهم ذلك ومن الغد حتى دل عليه بعض مماليك الجوباني وحين رآه قبل الأرض وبالغ في الأدب معه وحلف له على الأمان وجاء به إلى القلعة فأنزله بقاعة الغصة واشتوروا في أمره وكان حرص منطاش وزلار على قتله أكثر من سواهما وأبى الناصري والجوباني الا الوفاء بما اعتقد معهم واستقر الجوباني أتابك والناصري رأس النوبة الكبرى ودمرداش الأحمدي أمير سلاح وأحمد بن بيبقا أمير مجلس والابقا العثماني دوادار وانبقا الجوهري استاذدار وعمرت الوظائف والمراتب ثم بعثوا زلار نائبا على دمشق وأخرجوه إليها وبعثوا كشبقا البيبقاوي على حلب وكان السلطان قد عزله عن طرابلس واعتقله بدمشق فلما جاء في جملة الناصري بعثه على حلب مكانه وقبضوا على جماعة من الأمراء فيهم النائب سودون باق وسودون الطرنطاي فحبسوا بعضهم بالإسكندرية وبعثوا آخرين إلى الشأم فحبسوا هنالك وتتبعوا مماليك السلطان فحبسوا أكثرهم وأشخصوا بقيتهم إلى الشأم يستخدمون عند الأمراء وقبضوا على أستاذ دار محمود قهرمان الدولة وقارون القصرى فصادروه على ألف ألف درهم ثم أودعوه السجن وهم مع ذلك يتشاورون في مستقر السلطان بين الكرك وقوص والإسكندرية حتى اجمعوا على الكرك ووروا بالإسكندرية حذرا عليه من منطاش فلما أزف مسيره قعد له منطاش عند البحر رصدا وبات عامة ليله وركب الجوباني مع السلطان من القلعة وأركب معه صاحب الكرك موسى بن عيسى في لمة من قومه يوصلونه إلى الكرك وسار معه برهة
(٤٨٦)