إلا أن يقال: إن العقل وإن لم يستقل بتنجزه بمجرده، بحيث يحكم باستحقاق العقوبة على مخالفته، إلا أنه لا يستقل أيضا بعدم استحقاقها معه، فيحتمل العقوبة حينئذ عل المخالفة، ودعوى استقلاله بدفع الضرر المشكوك كالمظنون قريبة جدا، لا سيما إذا كان هو العقوبة الأخروية، كما لا يخفى.
وأما المفسدة فلانها وإن كان الظن بالتكليف يوجب الظن بالوقوع فيها لو خالفه، إلا أنها ليست بضرر على كل حال، ضرورة أن كل ما يوجب قبح الفعل من المفاسد لا يلزم أن يكون من الضرر على فاعله، بل ربما يوجب حزازة ومنقصة في
____________________
وثالثا بمنع الكبرى، وذلك لان حكم العقل بدفع الضرر المظنون يكون باعتبار كونه مدركا لا باعتبار كون عقلا، فان دفع الضرر المظنون بل المحتمل يكون من فطريات الحيوان كما نشاهد في الخارج من الحيوانات، فحكمه بهذا الاعتبار لا يكون كاشفا عن الحجية، فان لزوم التحرز عن الوقوع في الضرر عند العقل انما يكون من باب الاحتياط في عدم الوقوع في الضرر، وليس في مخالفة حكم العقل في المقام شئ سوى الوقوع في الضرر المترتب على الفعل الكذائي ان كان بحسب الواقع موجودا، وترتبه عليه ليس من آثار حكم العقل، بل يكون من آثار الفعل من دون مدخلية حكم العقل فافهم.
أقول: يمكن ان يقال: ان العقل حاكم بصحة احتجاج المولى على عبده بصحة الحكم الصادر عنه وصحة مؤاخذته في صورة مخالفته، كما يصح من العبد الاعتذار بالظن عند العقل، ومن حكمه بذلك يستكشف الحجية، ولكن هذا وجه آخر للاستدلال على حجية الظن وهو غير حكم العقل بوجوب دفع الضرر المظنون..
أقول: يمكن ان يقال: ان العقل حاكم بصحة احتجاج المولى على عبده بصحة الحكم الصادر عنه وصحة مؤاخذته في صورة مخالفته، كما يصح من العبد الاعتذار بالظن عند العقل، ومن حكمه بذلك يستكشف الحجية، ولكن هذا وجه آخر للاستدلال على حجية الظن وهو غير حكم العقل بوجوب دفع الضرر المظنون..