وفيه أن دعوى الاجماع - مع مصير مثل الكليني إلى التخيير، وهو في عهد الغيبة الصغرى ويخالط النواب والسفراء، قال في ديباجة الكافي: ولا نجد شيئا أوسع ولا أحوط من التخيير - مجازفة.
ومنها: أنه لو لم يجب ترجيح ذي المزية، لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح عقلا، بل ممتنع قطعا. وفيه أنه إنما يجب الترجيح لو كانت المزية موجبة لتأكد ملاك الحجية في نظر الشارع، ضرورة إمكان أن تكون تلك المزية بالإضافة إلى ملاكها من قبيل الحجر في جنب الانسان، وكان الترجيح بها بلا مرجح، وهو قبيح كما هو واضح، هذا مضافا إلى ما هو في الاضراب من الحكم بالقبح إلى الامتناع، من أن الترجيح بلا مرجح في الأفعال الاختيارية ومنها الأحكام الشرعية ، لا يكون إلا قبيحا، ولا يستحيل وقوعه إلا على الحكيم تعالى، وإلا فهو بمكان من الامكان، لكفاية إرادة المختار علة لفعله، وإنما الممتنع هو وجود الممكن بلا علة، فلا استحالة في ترجيحه تعالى للمرجوح، إلا من باب امتناع صدوره منه تعالى، وأما غيره فلا استحالة في ترجيحه لما هو المرجوح مما باختياره.
وبالجملة: الترجيح بلا مرجح بمعنى بلا علة محال، وبمعنى بلا داع عقلائي قبيح ليس بمحال، فلا تشتبه.
ومنها: غير ذلك مما لا يكاد يفيد الظن، فالصفح عنه أولى وأحسن.
ثم إنه لا إشكال في الافتاء بما اختاره من الخبرين، في عمل نفسه وعمل مقلديه، ولا وجه للافتاء بالتخيير في المسألة الفرعية، لعدم الدليل عليه فيها.
نعم له الافتاء به في المسألة الأصولية، فلا بأس حينئذ باختيار المقلد غير ما اختاره المفتي، فيعمل بما يفهم منه بصريحه أو بظهوره الذي لا شبهة فيه.
وهل التخيير بدوي أم استمراري؟ قضية الاستصحاب لو لم نقل بأنه قضية الاطلاقات أيضا كونه استمراريا. وتوهم أن المتحير كان محكوما بالتخيير، ولا تحير له بعد الاختيار، فلا يكون الاطلاق ولا الاستصحاب مقتضيا للاستمرار، لاختلاف الموضوع فيهما، فاسد، فإن التحير بمعنى تعارض الخبرين باق على