ولا يخفى أن في الآيات والروايات، شهادة على صحة ما حكم به الوجدان الحاكم على الاطلاق في باب الاستحقاق للعقوبة والمثوبة، ومعه لا حاجة إلى ما استدل على استحقاق المتجري للعقاب بما حاصله: إنه لولاه مع استحقاق العاصي له يلزم إناطة استحقاق العقوبة بما هو خارج عن الاختيار، من مصادفة قطعه الخارجة عن تحت قدرته واختياره، مع بطلانه وفساده، إذ للخصم أن يقول بأن استحقاق العاصي دونه، إنما هو لتحقق سبب الاستحقاق فيه، وهو مخالفته عن عمد واختيار، وعدم تحققه فيه لعدم مخالفته أصلا، ولو بلا اختيار، بل عدم صدور فعل منه في بعض افراده بالاختيار، كما في التجري بارتكاب ما قطع أنه من مصاديق الحرام، كما إذا قطع مثلا بأن مائعا خمر، مع أنه لم يكن
____________________
أو يكون مناط حكم العقل وموضوعه هو العزم على المعصية والطغيان، كما ذهب إليه المصنف قدس سره، وهذا أيضا في غير محله، فان العزم والإرادة خارج عن الاختيار وما يكون كذلك لا يتصف بالحسن أو القبح، وكذلك سوء السريرة وحسنها كما لا يخفى.
وإذا عرفت عدم صحة المناطين ظهر لك ان المناط في قبح التجري واستحقاق العقوبة هي شئ آخر وهو على التحقيق العصيان والطغيان على المولى، كما أن موضوع حكم العقل باستحقاق العقوبة في المعاصي الحقيقية هو الطغيان فكذلك في التجري، لان العصيان والطغيان بملاكه وهو خروج العبد عن رسوم العبودية وكونه بصدد الشقاق مع مولاه موجود في المتجري بلا تفاوت بينهما أصلا، لان المتجري على المولى خارج عن رسوم العبودية كما أن مرتكب المعصية الحقيقية أيضا خارج عن العبودية بلا تفاوت في الخروج، نعم بينهما
وإذا عرفت عدم صحة المناطين ظهر لك ان المناط في قبح التجري واستحقاق العقوبة هي شئ آخر وهو على التحقيق العصيان والطغيان على المولى، كما أن موضوع حكم العقل باستحقاق العقوبة في المعاصي الحقيقية هو الطغيان فكذلك في التجري، لان العصيان والطغيان بملاكه وهو خروج العبد عن رسوم العبودية وكونه بصدد الشقاق مع مولاه موجود في المتجري بلا تفاوت بينهما أصلا، لان المتجري على المولى خارج عن رسوم العبودية كما أن مرتكب المعصية الحقيقية أيضا خارج عن العبودية بلا تفاوت في الخروج، نعم بينهما