مرتكزة في أذهان أهل المحاورة بمثابة تعد من القرائن المكتنفة بالكلام، وإلا فهي وإن كانت مفيدة للظن بالتخصيص، إلا أنها غير موجبة لها، كما لا يخفى.
ثم إنه بناء على إعتبار عدم حضور وقت العمل في التخصيص، لئلا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، يشكل الامر في تخصيص الكتاب أو السنة بالخصوصيات الصادرة عن الأئمة عليهم السلام، فإنها صادرة بعد حضور وقت العمل بعموماتها، والتزام نسخهما بها ولو قيل بجواز نسخهما بالرواية عنهم عليهم السلام كما ترى، فلا محيص في حله من أن يقال: إن اعتبار ذلك حيث كان لاجل قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة، وكان من الواضح أن ذلك فيما إذا لم يكن هناك مصلحة في إخفاء الخصوصات أو مفسدة في إبدائها، كإخفاء غير واحد من التكاليف في الصدر الأول، لم يكن بأس بتخصيص عموماتهما بها، واستكشاف أن موردها كان خارجا عن حكم العام واقعا وإن كان داخلا فيه ظاهرا، ولأجله لا بأس بالالتزام بالنسخ بمعنى رفع اليد بها عن ظهور تلك العمومات بإطلاقها في الاستمرار والدوام أيضا، فتفطن.
فصل لا إشكال في تعيين الأظهر لو كان في البين إذا كان التعارض بين الاثنين، وأما إذا كان بين الزائد عليهما فتعينه ربما لا يخلو عن خفاء، ولذا وقع بعض (1) الاعلام في اشتباه وخطأ، حيث توهم أنه إذا كان هناك عام وخصوصات وقد خصص ببعضها، كان اللازم ملاحظة النسبة بينه وبين سائر الخصوصات بعد تخصيصه به، فربما تنقلب النسبة إلى عموم وخصوص من وجه، فلا بد من رعاية هذه النسبة وتقديم الراجح منه ومنها، أو التخيير بينه وبينها لو لم يكن هناك راجح، لا تقديمها عليه، إلا إذا كانت النسبة بعده على حالها.
وفيه: إن النسبة إنما هي بملاحظة الظهورات، وتخصيص العام بمخصص منفصل ولو كان قطعيا لا ينثلم به ظهوره، وإن انثلم به حجيته، ولذلك يكون بعد التخصيص حجة في الباقي، لأصالة عمومه بالنسبة إليه.