الامر الرابع: لا يكاد يمكن أن يؤخذ القطع بحكم في موضوع نفس هذا الحكم للزوم الدور، ولا مثله للزوم اجتماع المثلين، ولا ضده للزوم اجتماع الضدين، نعم يصح أخذ القطع بمرتبة من الحكم في مرتبة أخرى منه أو مثله أو ضده.
وأما الظن بالحكم، فهو وإن كان كالقطع في عدم جواز أخذه في موضوع نفس ذاك الحكم المظنون، إلا أنه لما كان معه مرتبة الحكم الظاهري محفوظة، كان جعل حكم آخر في مورده - مثل الحكم المظنون أو ضده - بمكان من الامكان.
إن قلت: إن كان الحكم المتعلق به الظن فعليا أيضا، بأن يكون الظن متعلقا بالحكم الفعلي، لا يمكن أخذه في موضوع حكم فعلي آخر مثله أو ضده، لاستلزامه الظن باجتماع الضدين أو المثلين، وأنما يصح أخذه في موضوع حكم آخر، كما في القطع، طابق النعل بالنعل.
قلت: يمكن أن يكون الحكم فعليا، بمعنى أنه لو تعلق به القطع - على ما هو عليه من الحال - لتنجز واستحق على مخالفته العقوبة، ومع ذلك لا يجب على الحاكم رفع عذر المكلف، برفع جهله لو أمكن، أو بجعل لزوم الاحتياط عليه فيما أمكن،
____________________
ان سائر الطرق والامارات تقوم مقام القطع بمجرد دليل حجيتها فيما إذا اخذ في الموضوع على نحو الكاشفية، بخلاف ما إذا اخذ على نحو الصفة الخاصة، فأورد عليه صاحب " الكفاية " بعدم الفرق بينهما، هذا ما افاده المصنف واختاره السيد الأستاذ أيضا، ولكن في تشقيقه القطع الموضوعي على قسمين: المأخوذ على نحو الصفة، وعلى نحو الكاشفية، مالا يخفى، ضرورة ان كون القطع صفة خاصة عبارة عن انكشاف الواقع لدى القاطع وكونه كاشفا عن متعلقه يكون