نعم لو لم يكن الباقي تحته بعد تخصيصه إلا ما لا يجوز أن يجوز عنه التخصيص أو كان بعيدا جدا، لقدم على العام الآخر، لا لانقلاب النسبة بينهما، بل لكونه كالنص فيه، فيقدم على الآخر الظاهر فيه بعمومه، كما لا يخفى.
فصل لا يخفى أن المزايا المرجحة لاحد المتعارضين الموجبة للاخذ به وطرح الآخر - بناء على وجوب الترجيح - وإن كانت على أنحاء مختلفة ومواردها متعددة، من راوي الخبر ونفسه ووجه صدوره ومتنه ومضمونه مثل: الوثاقة والفقاهة والشهرة ومخالفة العامة والفصاحة وموافقة الكتاب والموافقة لفتوى الأصحاب، إلى غير ذلك مما يوجب مزية في طرف من أطرافه، خصوصا لو قيل بالتعدي من المزايا المنصوصة، إلا أنها موجبة لتقديم أحد السندين وترجيحه وطرح الآخر، فإن أخبار العلاج دلت على تقديم رواية ذات مزية في أحد أطرافها ونواحيها فجميع هذه من مرجحات السند حتى موافقة الخبر للتقية، فإنها أيضا مما يوجب ترجيح أحد السندين وحجيته فعلا وطرح الآخر رأسا، وكونها في مقطوعي الصدور متمحضة في ترجيح الجهة لا يوجب كونها كذلك في غيرهما، ضرورة أنه لا معنى للتعبد بسند ما يتعين حمله على التقية، فكيف يقاس على ما لا تعبد فيه للقطع بصدوره؟.
ثم إنه لا وجه لمراعاة الترتب بين المرجحات لو قيل بالتعدي وإناطة الترجيح بالظن أو بالأقربية إلى الواقع، ضرورة أن قضية ذلك تقديم الخبر ظن صدقه أو كان أقرب إلى الواقع منهما، والتخيير بينهما إذا تساويا، فلا وجه لاتعاب النفس في بيان أن أيها يقدم أو يؤخر إلا تعيين أن يكون فيه المناط في صورة مزاحمة بعضها مع الآخر.
وأما لو قيل بالاقتصار على المزايا المنصوصة فله وجه لما يتراءى من ذكرها مرتبا في المقبولة والمرفوعة، مع إمكان أن يقال: إن الظاهر كونهما كسائر أخبار الترجيح بصدد بيان أن هذا مرجح وذاك مرجح، ولذا اقتصر في غير واحد منها على ذكر مرجح واحد، وإلا لزم تقييد جميعها على كثرتها بما في المقبولة، وهو بعيد جدا،