والحاصل أن اختلاف الأطراف في الحصر وعدمه لا يوجب تفاوتها في ناحية العلم، ولو أوجب تفاوتا فإنما هو في ناحية المعلوم في فعلية البعث أو الزجر مع الحصر، وعدمها مع عدمه، فلا يكاد يختلف العلم الاجمالي باختلاف الأطراف قلة وكثرة في التنجيز وعدمه ما لم يختلف المعلوم في الفعلية وعدمها بذلك، وقد عرفت آنفا أنه لا تفاوت بين التفصيلي والاجمالي في ذلك، ما لم يكن تفاوت في طرف المعلوم أيضا، فتأمل تعرف.
____________________
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه إذا علم بالوجوب أو التحريم وتردد الواجب أو الحرام بين شيئين، أو علم بوجوب أحدهما وحرمة الآخر، فلا يخلو اما أن يكون التكليف المعلوم بمثابة نعلم بفعليته وتنجزه من جميع الجهات حتى مع تردد متعلقه بين شيئين أو أشياء، بمعنى ان الواجب كان بمرتبة من المصلحة، أو الحرام كان بمرتبة من المفسدة بحيث تكون موجبة لبعث المولى عبده نحو الواجب أو زجره عن الحرام حتى في مقام تردد الواجب بين أشياء كثيرة، وان كان بعثه كذلك اي حتى في صورة تعدد الأطراف وتردد الواجب بينها موجبا لوقوع العبد في مشقة زائدة على مشقة نفس المأمور به فلا محيص عن الموافقة القطعية وعدم كفاية الموافقة الاحتمالية في المعذورية بحيث ان كان الطرف الذي لم يأت به العبد هو الواجب واقعا فلا شبهة في استحقاق عقوبته، وعلى فرض الإصابة يكون متجريا، ولا مجال لجريان البراءة مطلقا، ضرورة لزوم التناقض بين الترخيص والايجاب الفعلي حتى مع الجهل بالواجب عندنا كما لا يخفى، وذلك من غير فرق بين المحصورة وغيرها.