فصل إنما الثابت بمقدمات دليل الانسداد في الاحكام هو حجية الظن فيها، لا حجيته في تطبيق المأتي به في الخارج معها، فيتبع مثلا في وجوب صلاة الجمعة يومها، لا في إتيانها، بل لا بد من علم أو علمي بإتيانها، كما لا يخفى.
نعم ربما يجري نظير مقدمات الانسداد في الاحكام في بعض الموضوعات الخارجية، من انسداد باب العلم به غالبا، واهتمام الشارع به بحيث علم بعدم الرضا بمخالفة الواقع باجراء الأصول فيه مهما أمكن، وعدم وجوب الاحتياط شرعا أو عدم إمكانه عقلا، كما في موارد الضرر المردد أمره بين الوجوب والحرمة مثلا، فلا محيص عن اتباع الظن حينئذ أيضا، فافهم.
خاتمة: يذكر فيها أمران استطرادا:
الأول: هل الظن كما يتبع عند الانسداد عقلا في الفروع العملية، المطلوب فيها أولا العمل بالجوارح، يتبع في الأصول الاعتقادية المطلوب فيها عمل الجوانح من الاعتقاد به وعقد القلب عليه وتحمله والانقياد له، أو لا؟.
الظاهر لا، فإن الامر الاعتقادي وإن انسد باب القطع به، إلا أن باب الاعتقاد إجمالا - بما هو واقعه والانقياد له وتحمله - غير منسد، بخلاف العمل بالجوارح فإنه لا يكاد يعلم مطابقته مع ما هو واقعه إلا بالاحتياط، والمفروض عدم وجوبه شرعا، أو عدم جوازه عقلا، ولا أقرب من العمل على وفق الظن.
وبالجملة: لا موجب مع انسداد باب العلم في الاعتقاديات لترتيب الاعمال الجوانحية على الظن فيها، مع إمكان ترتيبها على ما هو الواقع فيها، فلا يتحمل إلا لما هو الواقع، ولا ينقاد إلا له، لا لما هو مظنونه، وهذا بخلاف