غيره، ولا وجه لرجوعه إلى الغير في تقليده، إلا على نحو دائر.
نعم لا بأس برجوعه إليه إذا استقل عقله بالتساوي، وجواز الرجوع إليه أيضا، أو جوز له الأفضل بعد رجوعه إليه، هذا حال العاجز عن الاجتهاد في تعيين ما هو قضية الأدلة في هذه المسألة.
وأما غيره، فقد اختلفوا في جواز تقليد المفضول وعدم جوازه، ذهب بعضهم إلى الجواز، والمعروف بين الأصحاب - على ما قيل - عدمه وهو الأقوى، للأصل، وعدم دليل على خلافه، ولا إطلاق في أدلة التقليد بعد الغض عن نهوضها على مشروعية أصله لوضوح أنها إنما تكون بصدد بيان أصل جواز الاخذ بقول العالم لا في كل حال، من غير تعرض أصلا لصورة معارضته بقول الفاضل، كما هو شأن سائر الطرق والامارات على ما لا يخفى.
ودعوى السيرة على الاخذ بفتوى أحد المخالفين في الفتوى من دون فحص عن أعلميته مع العلم بأعلمية أحدهما، ممنوعة.
ولا عسر في تقليد الأعلم، لا عليه لاخذ فتاواه من رسائله وكتبه، ولا لمقلديه لذلك أيضا وليس تشخيص الأعلمية بأشكل من تشخيص أصل الاجتهاد، مع أن قضية نفي العسر الاقتصار على موضوع العسر، فيجب فيما لا يلزم منه عسر، فتأمل جيدا.
وقد استدل للمنع أيضا بوجوه:
أحدها: نقل الاجماع على تعين تقليد الأفضل.
ثانيها: الاخبار الدالة على ترجيحه مع المعارضة، كما في المقبولة وغيرها، أو على اختياره للحكم بين الناس، كما دل عليه المنقول عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك).
ثالثها: إن قول الأفضل أقرب من غيره جزما، فيجب الاخذ به عند المعارضة عقلا.