فإنه يقال: إنما يكون ذلك لو كان في الدليل ما بمفهومه يعم النظرين، وإلا فلا يكاد يصح إلا إذا سبق بأحدهما، لعدم إمكان الجمع بينهما لكمال المنافاة بينهما، ولا يكون في أخبار الباب ما بمفهومه يعمهما، فلا يكون هناك إلا استصحاب واحد، وهو استصحاب الثبوت فيما إذا أخذ الزمان ظرفا، واستصحاب العدم فيما إذا أخذ قيدا، لما عرفت من أن العبرة في هذا الباب بالنظر العرفي، ولا شبهة في أن الفعل فيما بعد ذاك الوقت مع ما قبله متحد في الأول ومتعدد في الثاني بحسبه، ضرورة أن الفعل المقيد بزمان خاص غير الفعل في زمان آخر، ولو بالنظر المسامحي العرفي.
____________________
وتارة أخرى يكون الشك في بقاء حكم المقيد بالزمان من جهة احتمال ان للزمان الكذائي دخلا في أصل المطلوب بحيث إذا انتفى الزمان لم يكن مطلوبا أصلا، مثل صلاة الظهرين المقيدين بوقوعهما من دلوك الشمس إلى غسق الليل مثلا، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه الا في الوجوب لكن لا مطلقا وان كان الزمان قيدا لموضوعه ومقوما له، بل إذا كان الزمان طرفا لثبوت الحكم في لسان الدليل، وذلك لان الزمان ان اخذ قيدا ومقوما لا بد من أن يكون ثبوت الحكم في غير ذلك الزمان بملاك آخر غير ما يكون ملاكا له في الزمان الكذائي، فلا مجال لاستصحاب الحكم في غير الزمان الكذائي لتعدد موضوعه وعدم صدق البقاء قطعا، بخلاف ما إذا اخذ ظرفا، فإنه وإن كان قد اخذ في لسان الدليل قيدا الا انه بنظر العرف يكون من حالاته لا مقوماته، والعبرة بالموضوع العرفي لا بالموضوع الواقع في لسان الدليل، فافهم.
هذا فيما إذا استظهر من دليل الحكم ان الزمان قد اخذ بنحو القيدية،
هذا فيما إذا استظهر من دليل الحكم ان الزمان قد اخذ بنحو القيدية،