موضوع آخر ذو حكم، من دون اعتماد عليه في مسألة أصولية ولا فرعية، قياس مع الفارق، لوضوح الفرق بين المقام والقياس في الموضوعات الخارجية الصرفة، فإن القياس المعمول فيها ليس في الدين، فيكون إفساده أكثر من إصلاحه، وهذا بخلاف المعمول في المقام، فإنه نحو إعمال له في الدين، ضرورة أنه لولاه لما تعين الخبر الموافق له للحجية بعد سقوطه عن الحجية بمقتضى أدلة الاعتبار، والتخيير بينه وبين معارضه بمقتضى أدلة العلاج، فتأمل جيدا.
وإما ما إذا اعتضد بما كان دليلا مستقلا في نفسه، كالكتاب والسنة القطعية، فالمعارض المخالف لأحدهما إن كانت مخالفته بالمباينة الكلية، فهذه الصورة خارجة عن مورد الترجيح، لعدم حجية الخبر المخالف كذلك من أصله، ولو مع عدم المعارض، فإنه المتيقن من الاخبار الدالة على أنه زخرف أو باطل، أو أنه: لم نقله، أو غير ذلك.
وإن كانت مخالفته بالعموم والخصوص المطلق، فقضية القاعدة فيها، وإن كانت ملاحظة المرجحات بينه وبين الموافق وتخصيص الكتاب به تعيينا أو تخييرا، لو لم يكن الترجيح في الموافق، بناء على جواز تخصيص الكتاب بخير الواحد، إلا أن الاخبار الدالة على أخذ الموافق من المتعارضين غير قاصرة عن العموم لهذه الصورة، لو قيل بأنها في مقام ترجيح أحدهما لا تعيين الحجة عن اللا حجة، كما نزلناها عليه، ويؤيده أخبار العرض على الكتاب الدالة على عدم حجية المخالف من أصله، فإنهما تفرغان عن لسان واحد، فلا وجه لحمل المخالفة في أحدهما على خلاف المخالفة في الأخرى، كما لا يخفى.
اللهم إلا أن يقال: نعم، إلا أن دعوى اختصاص هذه الطائفة بما إذا كانت المخالفة بالمباينة - بقرينة القطع بصدور المخالف الغير المباين عنهم عليهم السلام كثيرا، وإباء مثل: ما خالف قول ربنا لم أقله، أو زخرف أو باطل عن التخصيص - غير بعيدة، وإن كانت المخالفة بالعموم والخصوص من وجه، فالظاهر أنها كالمخالفة في الصورة الأولى كما لا يخفى، وأما الترجيح بمثل الاستصحاب، كما