وكذلك لا خلاف ولا إشكال في نفوذ حكم المجتهد المطلق إذا كان باب العلم أو العلمي له مفتوحا، وأما إذا انسد عليه بابهما ففيه إشكال على الصحيح من تقدير المقدمات على نحو الحكومة، فإن مثله - كما أشرت آنفا - ليس ممن يعرف الاحكام، مع أن معرفتها معتبرة في الحاكم، كما في المقبولة، إلا أن يدعى عدم القول بالفصل، وهو وإن كان غير بعيد، إلا أنه ليس بمثابة يكون حجة على عدم الفصل، إلا أن يقال بكفاية انفتاح باب العلم في موارد الاجماعات والضروريات من الدين أو المذهب، والمتواترات إذا كانت جملة يعتد بها، وإن انسد باب العلم بمعظم الفقه، فإنه يصدق عليه حينئذ أنه ممن روى حديثهم (عليه السلام) ونظر في حلالهم (عليهم السلام) وحرامهم عليهم السلام: وعرف أحكامهم عرفا حقيقة. وأما قوله (عليه السلام) في المقبولة (فإذا حكم بحكمنا) فالمراد أن مثله إذا حكم كان بحكمهم حكم، حيث كان منصوبا منهم، كيف وحكمه غالبا يكون في الموضوعات الخارجية، وليس مثل ملكية دار لزيد أو زوجية امرأة له من أحكامهم (عليهم السلام) فصحة إسناد حكمه إليهم (عليهم السلام) إنما هو لاجل كونه من المنصوب من قبلهم.
وأما التجزي في الاجتهاد ففيه مواضع من الكلام:
الأول: في امكانه وهو ان كان محل الخلاف بين الاعلام إلا أنه لا ينبغي الارتياب فيه، حيث كانت أبواب الفقه مختلفة مدركا، والمدارك متفاوته سهوله وصعوبة، عقلية ونقلية، مع اختلاف الاشخاص في الاطلاع عليها، وفي طول الباع وقصوره بالنسبة إليها، فرب شخص كثير الاطلاع وطويل الباع في مدرك باب بمهارته في النقليات أو العقليات، وليس كذلك في آخر لعدم مهارته فيها وابتنائه عليها، وهذا بالضرورة ربما يوجب حصول القدرة على الاستنباط في بعضها لسهولة مدركه أو لمهارة الشخص فيه مع صعوبته، مع عدم القدرة على ما ليس كذلك، بل يستحيل حصول اجتهاد مطلق عادة غير مسبوق بالتجزي، للزوم الطفرة. وبساطة الملكة وعدم قبولها التجزئة، لا تمنع من حصولها بالنسبة إلى بعض الأبواب، بحيث