بلا دخل لها فيه أصلا، وإن كان لها دخل فيما اطلع عليه من الملاك.
وبالجملة: حكم الشرع إنما يتبع ما هو ملاك حكم العقل واقعا، لا ما هو مناط حكمه فعلا، وموضوع حكمه كذلك مما لا يكاد يتطرق إليه الاهمال والاجمال، مع تطرقه إلى ما هو موضوع حكمه شأنا، وهو ما قام به ملاك حكمه واقعا، فرب خصوصية لها دخل في استقلاله مع احتمال عدم دخله، فبدونها لا استقلال له بشئ قطعا، مع احتمال بقاء ملاكه واقعا. ومعه يحتمل بقاء حكم الشرع جدا لدورانه معه وجودا وعدما، فافهم وتأمل جيدا.
ثم إنه لا يخفى اختلاف آراء الأصحاب في حجية الاستصحاب مطلقا، وعدم حجيته كذلك، والتفصيل بين الموضوعات والاحكام، أو بين ما كان الشك في الرافع وما كان في المقتضي، إلى غير ذلك من التفاصيل الكثيرة، على أقوال شتى لا يهمنا نقلها ونقل ما ذكر من الاستدلال عليها، وإنما المهم الاستدلال على ما هو المختار منها، وهو الحجية مطلقا، على نحو يظهر بطلان سائرها، فقد استدل عليه بوجوه:
الوجه الأول: استقرار بناء العقلاء من الانسان بل ذوي الشعور من كافة أنواع الحيوان على العمل على طبق الحالة السابقة، وحيث لم يردع عنه الشارع كان ماضيا.
____________________
قوله: فقد استدل عليه بوجوه: الأول استقرار بناء العقلاء... الخ اعلم أنه وان استدل على حجية الاستصحاب بوجوه: منها بناء العقلاء على العمل على طبق الحالة السابقة، ومنها الظن الحاصل عن ثبوت السابق في اللاحق، ومنها الاجماع، ومنها الاخبار، الا ان جملة منها لا تخلو عن اشكال، فإن دلالة غير الاخبار على المطلوب ممنوعة جدا، صغرى وكبرى، موضوعا ومحمولا.