والمختار ما هو المعروف بين الأصحاب، للشك في جواز تقليد الميت، والأصل عدم جوازه، ولا مخرج عن هذا الأصل، إلا ما استدل به المجوز على الجواز من وجوه ضعيفة.
منها: استصحاب جواز تقليده في حال حياته، ولا يذهب عليك أنه لا مجال له، لعدم بقاء موضوعه عرفا، لعدم بقاء الرأي معه، فإنه متقوم بالحياة بنظر العرف، وإن لم يكن كذلك واقعا، حيث أن الموت عند أهله موجب لانعدام الميت ورأيه، ولا ينافي ذلك صحة استصحاب بعض أحكام حال حياته، كطهارته ونجاسته وجواز نظر زوجته إليه، فإن ذلك إنما يكون فيما لا يتقوم بحياته عرفا بحسبان بقائه ببدنه الباقي بعد موته، وإن احتمل أن يكون للحياة دخل في عروضه واقعا، وبقاء الرأي لا بد منه في جواز التقليد قطعا، ولذا لا يجوز التقليد فيما إذا تبدل الرأي أو ارتفع، لمرض أو هرم إجماعا.
وبالجملة يكون انتفاء الرأي بالموت بنظر العرف بانعدام موضوعه، ويكون حشره في القيامة إنما هو من باب إعادة المعدوم، وإن لم يكن كذلك حقيقة، لبقاء موضوعه، وهو النفس الناطقة الباقية حال الموت لتجرده، وقد عرفت في باب الاستصحاب أن المدار في بقاء الموضوع وعدمه هو العرف، فلا يجدي بقاء النفس عقلا في صحة الاستصحاب مع عدم مساعدة العرف عليه، وحسبان أهله أنها غير باقية وإنما تعاد يوم القيامة بعد انعدامها، فتأمل جيدا.
لا يقال: نعم، الاعتقاد والرأي وإن كان يزول بالموت لانعدم موضوعه، إلا أن حدوثه في حال حياته كاف في جواز تقليده في حال موته، كما هو الحال في الرواية.
فإنه يقال: لا شبة في أنه لا بد في جوازه من بقاء الرأي والاعتقاد، ولذا لو زال بجنون أو تبدل ونحوهما لما جاز قطعا، كما أشير إليه آنفا. هذا بالنسبة إلى التقليد الابتدائي.
وأما الاستمراري، فربما يقال بأنه قضية استصحاب الاحكام التي قلده