وبالجملة فإن دلالة هذه الأخبار على التحريم مطلقا أظهر ظاهر ولكن العذر لأصحابنا في ما ذكروه من حيث عدم تتبع الأخبار كملا والتأمل فيها.
نعم قد روى الشيخ (رضي الله عنه) في كتاب مصباح المتهجد (1) عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " دخلت عليه يوم عاشوراء فألفيته كاسف اللون ظاهر الحزن ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط، فقلت يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله مم بكاؤك لا أبكى الله عينيك؟ فقال لي أو في غفلة أنت أما علمت أن الحسين ابن علي (عليهما السلام) أصيب في مثل هذا اليوم؟ فقلت يا سيدي فما قولك في صومه؟ فقال لي صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت ولا تجعله يوم صوم كملا وليكن افطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء فإنه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلى الله عليه وآله وانكشفت الملحمة عنهم.. الحديث " وهذه الرواية هي التي ينبغي العمل عليها وهي دالة على مجرد الامساك إلى الوقت المذكور. والمفهوم من كلام شيخنا الشهيد الثاني (قدس سره) في المسالك حمل كلام الأصحاب باستحباب صوم يوم عاشوراء على وجه الحزن هو صومه على هذا الوجه المذكور في هذه الرواية. وهو بعيد فإن كلامهم صريح أو كالصريح في أن مرادهم صيام اليوم كملا كما في جملة أفراد الصيام. والله العالم.
ومنها صوم أول يوم من المحرم بل الشهر كملا:
روى الصدوق (عطر الله مرقده) مرسلا (2) قال: " روي أن في أول يوم من المحرم دعا زكريا ربه (عز وجل) فمن صام ذلك اليوم استجاب الله له كما استجاب لزكريا عليه السلام ".
وروى في كتاب المجالس وعيون الأخبار في الصحيح عن الريان بن شبيب (3) قال: " دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم فقال لي يا ابن شبيب أصائم أنت؟