ثم أقول: لا يخفى عليك ما في دلالة هذه الأخبار من الظهور والصراحة في تحريم صوم هذا اليوم مطلقا وأن صومه إنما كان في صدر الاسلام ثم نسخ بنزول صوم شهر رمضان (1) وعلى هذا يحمل خبر صوم رسول الله صلى الله عليه وآله (2).
وأما خبر القداح وخبر مسعدة بن صدقة الدال كل منهما على أن صومه كفارة سنة والأمر بصومه كما في ثانيهما فسبيلها الحمل على التقية (3) لا على ما ذكروه من استحباب صومه على سبيل الحزن والجزع، كيف وخبر الحسين بن أبي غندر عن أبيه (4) ظاهر في أن الصوم لا يكون للمصيبة وإنما يكون شكرا للسلامة، مع دلالة الأخبار الباقية على النهي الصريح عن صومه مطلقا سيما خبر نجية وقولهما (عليهما السلام) فيه أنه متروك بصيام شهر رمضان والمتروك بدعة. وبالجملة فتحريم صيامه مطلقا من هذه الأخبار أظهر ظاهر.
وأما خبر كثير النواء مع كون راوية المذكور بتريا عاميا (5) قد وردت فيه الذموم الكثيرة مثل قول الصادق عليه السلام (6) " اللهم إني إليك من كثير النوا برئ في الدنيا والآخرة " وقوله أيضا (7) " إن الحكم بن عتيبة وسلمة وكثير النواء وأبا المقدام والتمار يعني سالما أضلوا كثيرا ممن ضل من هؤلاء وأنهم ممن قال الله تعالى:
ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين " (8) معارض بخبر ميثم المذكور