السابقة امتنان من الله على مؤمني الجن بأنهم سيدخلون الجنة، فلم يكن تعالى ليمتن عليهم بجزاء لا يحصل لهم، وأيضا فإنه إذا كان يجازي كافرهم بالنار، وهو مقام عدل فلابد أن يجازي مؤمنهم بالجنة، وهو مقام فضل بطريق الأولى والأحرى. ومما يدل أيضا على ذلك قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا} [الكهف: 107]، وما أشبه ذلك من الآيات المطلقة..
ومما لا شك فيه أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مرسل إلى الجن والإنس.
قال ابن تيمية في المجموع الفتاوى، ج: 19، ص: 9، [وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين، وسائر طوائف المسلمين: أهل السنة والجماعة وغيرهم]. انتهى.
ويدل على ذلك تحدي القرآن الكريم في الإتيان بمثله قال تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} [الإسراء: 88]. وقد سارع فريق من الجن إلى الإيمان عندما استمعوا القرآن كما في سورة الجن: {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا}.
وهؤلاء الذين استمعوا القرآن وآمنوا هم المذكورون في قوله تعالى: {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم * ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين} [الأحقاف: 29 و 32].