فرع في تأويل: [الصلاة على محمد وآل محمد] وعلى نحو ما ذكرنا ورد تأويل الصلاة على محمد وآل محمد بالمتابعة لأهل البيت عليهم السلام وقد مر في المطلب الثاني كلام القاضي النعماني: إثبات الإمامة في الصلاة عليهم، سوى الدعاء لهم وفيه شمة لهضم منزلتهم حيث أن فيه حاجة ما إلى دعاء رعيتهم، فكيف لو فهموا أن معنى الصلاة هنا المتابعة، ومنه " المصلي من الخيل "، فأول من صلى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أي تبع جبريل حين علمه الصلاة، ثم صلى علي عليه السلام على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إذ هو أول ذكر صلى بصلاته فبشر الله النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه يصلي عليه بإقامة من ينصبه مصليا له في أمته، وذلك لما سأل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله [اجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به أزري]، ثم قال تعالى: {صلوا عليه} أي اعتقدوا ولاية علي عليه السلام وسلموا لأمره، وقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم [قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد]، أي اسألوا الله أن يقيم له ولاية ولاة يتبع بعضهم بعضا، كما كان في آل إبراهيم عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام، وقوله: [وبارك عليهم]، أي أوقع النمو فيهم، فلا تقطع الإمامة عنهم.
فظهر أن الصلاة عليه هي اعتقاد بوصيه والأئمة من ذريته، إذ بهم كمال دينهم، وتمام النعمة عليهم، وهم الصلاة التي قال الله إنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، لأن الصلاة الراتبة لا تنهى عن ذلك في كثير من الموارد.
وأسند صاحب نهج الإيمان إلى الصادق عليه الصلاة والسلام تفسير {ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين} [المدثر: 43]، لم يكونوا من أتباع الأئمة السابقين، وهذا قريب مما سلف، وأسند نحوه إلى أبي الحسن الرضا عليه الصلاة والسلام، أي كنا لا نتولى وصي محمد، والأوصياء من بعده، ولا نصلي عليهم.