وفي نهاية المطلب نقرر [من باب ألزموهم ما ألزموا به أنفسهم] أن الصلاة على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم عقيب الأذان مستحسنة عقلا فلتكن بدعة حسنة وقد ذهب إلى هذا السخاوي الشافعي في القول البديع: وقد اختلف في ذلك هل هو مستحب أو مكروه أو بدعة أو مشروع واستدل للأول بقوله تعالى: {وافعلوا الخير} [الحج:
77]، ومعلوم أن الصلاة والسلام من أجل القرب لا سيما وقد تواترت الأخبار على الحث على ذلك مع ما جاء في فصل الدعاء عقب الأذان والثلث الأخير من الليل وقرب الفجر والصواب أنه بدعة حسنة يؤجر فاعله بحسن نيته.
أقول: إن الأحاديث المطلقة والمتواترة في الترغيب إلى الصلاة كقوله: [من صلى علي] أو [صلوا علي واجتهدوا...]، وغيرها تدل على استحبابها في كل وقت ومكان وإن كانت في خلال العبادة إلا أنه لا يعتقد فيها التعبد في محل افتقاد النص فيه فتكون بنحو الرجاء المطلق، والرغبة في الثواب والتعظيم، والذكر المطلق.
وقد روى من طرق الخاصة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال له رجل جلعت فداك أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى وما وصف من الملائكة: {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} [الأنبياء: 20]، ثم قال: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [الأحزاب: 56] كيف لا يفترون وهم يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لما خلق محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر الملائكة فقال: أنقصوا من ذكرى بمقدار الصلاة على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): فقول الرجل: صلى الله على محمد في الصلاة مثل قوله: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر] (171).