السلام فكأنه عوض عن ذبح الكل، وعدم وجودهم بالكلية بذبح واحد من الأجزاء بخصوصه. ولا شك في أن مرتبة كل السلسة أعظم وأجل من مرتبة الجزء بخصوصه.
أقول: وذكر أنه ليس في الخبر أن الله تعالى فدى إسماعيل بالحسين بل فيه: [قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين وقتله] أي أنه فدى جزع إبراهيم على إسماعيل بجزعه على الحسين عليه السلام، وظاهر أن الفداء على هذا ليس على معناه الحقيقي، بل المراد التعويض، ولما كان أسفه على ما فات منه من ثواب الجزع على ابنه عوضه الله بما هو أجل وأشرف وأكثر ثوابا، وهو الجزع على الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام.
والحاصل أن شهادة الحسين عليه السلام كان أمرا مقررا ولم يكن لرفع قتل إسماعيل حتى يرد الإشكال. وعلى ما ذكرنا فالآية تحتمل وجهين: الأول أن يقدر مضاف أي فديناه بجزع مذبوح عظيم الشأن. والثاني: أن يكون الباء سببيه أي فديناه بسبب مذبوح عظيم بأن جزع عليه. وعلى التقديرين لا بد من تقدير مضاف أو تجوز إسناد في قوله:
{وفديناه} [الصافات: 107].
ولا يخفى أن الرواية واردة في معنى باطن الآية فحينئذ التوجيه الأول أولى، والأولى منه أن يقال أن الله فدى إسماعيل الذي هو أحد أجداد محمد وآله بذبح (أي مذبوح عظيم وهو الحسين) فصار المعنى الحسين فدى جده محمدا وعليا وفاطمة والحسن ونفسه وأهل بيته والأنبياء الذين من ذرية إسماعيل فإنه لو تحقق ذبح إسماعيل في ذلك الوقت لم يوجد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ولا واحد من الأئمة فكأنه عليه السلام صار فداء لنفسه وحده وأبيه وأمه وأخيه وأولاده المعصومين جميعا ولإسماعيل باعتبار النبوة والإمامة وإليه يشير النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كما في صحيح الترمذي وابن ماجة والنهاية: [حسين مني وأنا من حسين] (149).
ونضيف على ما مر من اختصاص إبراهيم وآله في التشبيه دون غيرهم لما في الصلاة عليهم من تحقق الصلاة الفعلية، في مقام النبوات والرسالات والإمامات وأنواع الوحي